فلسطين أون لاين

يقود سيارة ويحترف تنس الطاولة.. "طافش" يهزم الإعاقة

...
غزة/ هدى الدلو:

إرادته العالية وثقته بنفسه من الركائز الأساسية التي بُنيت عليها شخصيته، فلم تجعله يلقي بالًا للإعاقة التي ترافقه منذ ولادته، وهي عبارة عن بتر في اليدين، بل تحدى كل الظروف حتى وصل إلى مبتغاه، مبتكرًا طريقة استطاع بها ممارسة رياضة تنس الطاولة، والحصول على رخصة القيادة.

يحتضن القلم تارة بين مرفقيه وبخط مرسوم يعبئ الأوراق، وتارة يحملها وينقلها، هكذا بدا طافش، وهو منشغل في إدخال البيانات عبر الحاسوب المحمول، بكل قوة وعزيمة.

طافش (38 عامًا)، من مدينة غزة، متزوج ولديه أربعة أبناء، يؤكد أنه استطاع أن يواجه إعاقته، قائلًا: "لم أشعر بأي نقص، بل كنت متقبلًا حالتي، وتأقلمت مع إعاقتي -لا شك- بمساعدة عائلتي، فلولا دعم أهلي ومساندتهم لي لما كنت أحمد الذي يجلس أمامك، فمارست حياتي طبيعيًّا جدًّا، ولم أعتمد على أحد، بل كنت أفعل كل شيء بنفسي حتى تمكنت من إثبات ذاتي، ولم أصبح منعزلًا اجتماعيًّا".

ويبتسم طافش وهو يتذكر طفولته، ثم يضيف: "لم أذكر يومًا أني كنت معترضًا على حالتي، ولم أسأل والدي عن سبب اختلافي عن باقي الأطفال"، ويعلل ذلك بالبيئة المجتمعية، فهو ولد في ليبيا التي لم تشعره يومًا ما بأي ضغط أو مضايقة من أحد، خاصة خلال المرحلة الابتدائية.

رغم ما يعانيه فضل الدوام والعمل على الجلوس في البيت، مع أن باستطاعته العمل بدوام جزئي لطبيعة حالته الصحية، كما كثير من الجرحى وآخرين من ذوي الإعاقة، لكن إصراره لقناعته بذاته دفعه للانخراط في المجتمع ليعزز مكانته اجتماعيًّا.

أما عند الحديث عن مواهب طافش التي تتجه نحو الاحتراف، فهو لعب كرة القدم وألعاب القوى، وتنس الطاولة، ودرب بنادي فارسات كرة السلة، ولديه مهارات في استخدام القدم بـ"لضم" الإبرة، والكتابة، والأكل، وغيرها من الأمور الحياتية.

ويتابع: "في 2001م تمكنت من ممارسة رياضة كرة التنس تحديًا للمدرب الذي رفض تعليمي أصول اللعب، ومنعني من مسك المضرب لحاجته إلى مسكة خاصة"، مبينًا أنه عمل على ممارسة اللعبة بنفسه بمسك المضرب بكلتا يديه، ثم وضع المربط الخاص في المضرب حتى تمكن من استخدامه بيد واحدة، وبعدها اقتنع ذلك المدرب بإرادته قبل موهبته، وأصبح مدربًا له.

بعد تدريبات وممارسة لرياضة التنس حصل على العديد من البطولات المحلية، وكان آخرها بطولة تنس الطاولة الخاصة بوزارة الداخلية.

وبات طافش عضوًا في مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة.

"بالإرادة أصنع التحديات، وأتجاوز الصعوبات، حتى أصل إلى ما أرضاه لنفسي"، هذا هو شعاره بالحياة، وتحدث عن تحدٍّ آخر واجهه عندما توجه لإحدى مدارس تعليم قيادة السيارات للحصول على رخصة، إذ رُفض طلبه، فدخل في منافسة بركوب سيارة من نوع "أتوماتيك" والذهاب إلى تلك المدرسة وهو يقودها، بعدها اقتنعت بإرادته وعزيمته في الوصول إلى مراده.

طافش حاصل على العديد من الدورات العلمية في مجالات مختلفة، وحائز الشهادة الدولية الأولى بقطاع غزة في تعديل العمود الفقري من طريق تمارين خاصة تعتمد على نظام الحبل، بعيدًا عن التدخلات الجراحية.

ويوضح أن اختياره دراسة المهن الطبية لم يكن عبثًا، بل هو رسالة، وليكون أقرب شخص يمكنه التعامل مع جميع فئات ذوي الإعاقة، وتقديم الخدمة لهم، ويحلم بفتح مركز خاص بالعلاج الطبيعي والتدليك (المساج).

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين