الجمعة الأولى من مارس/ آذار لعام 1995 كانت هي اليوم الأول لتقدير الموظفين في تقويم المناسبات، وهو يوم تشكر فيه الشركات والمؤسسات موظفيها –لاسيما في الولايات المتحدة وكندا- على عملهم الشاق، وجهدهم طوال العام؛ كوسيلة لتركيز انتباه جميع أصحاب العمل، في جميع الصناعات على تقدير الموظف.
عالميًا تحتفل مؤسسات بهذا اليوم إما بالمغادرة مبكرًا، أو تقديم الهدايا أو الاحتفالات أو أي نوع من التقدير للموظفين، وتشير الدراسات إلى أن تقدير الموظف وتعزيزه يزيد فعالية الموظف وكفاءته؛ مما حدا بالكثير من الشركات لاعتماد الاحتفال بهذا اليوم لما يعود عليها من نفع.
خبير التنمية المجتمعية د. نعيم الغلبان يشير إلى أن هناك أعمدة تحدد نجاح المؤسسة، موضحًا أن المؤسسة ما لم يكن الموظف راضيًا فيها، ويعمل متحمسًا، فستتقهقر إلى الخلف.
وينبه الغلبان في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى أنَّ التعامل مع الموظفين لا بد أن يكون وفق الداعم النفسي، كل حسب إمكانياته، وقدراته وعطائه، مشيرًا إلى أنه من الأساس لا بد اختيار الموظف الذي يعطي للمؤسسة باستمرار، وهذا الموظف يجب تغذيته والاعتراف بعطائه، وتحفيزه بأي كان.
ويتابع: "هذا بالنسبة للميزان المطلوب من الإدارة التي لا بدَّ أن تعيد تقييم الموظفين في مواقعهم، وفق هيكلية يكون فيها تناغم في المؤسسة ولا توجد نوعًا من الصراع، لأن ذلك يفسد العمل ويؤخر المؤسسة".
ويؤكد خبير التنمية المجتمعية أنه عند تعزيز الموظف سيكون الأمر مختلفًا، فالمكافأة والتوجيه والشكر والدعم، تعطي مخرجات رائعة للمؤسسة، وموظفًا لا يبحث عن انتهاء الساعات فقط، بل يكون لديه شعور أنه في مؤسسته وبيته.
وبسؤاله عن سبب اعتماد بعض المؤسسات نظام العقاب وغض النظر عن الثواب؟، يجيب: "نحن أناس عاطفيون سلبًا أو إيجابًا، إما يرفع الشخص عاليًا أو نحطمه تمامًا"، مضيفًا: "الخطأ موجود، لكن المطلوب تقييم هذا الخطأ فإذا كان خطأً خطيرًا حينها سيكون العقاب على قدر الخطأ".
ويشدد الغلبان على أنه عندما يكون الموظف ذا إمكانيات عالية لا ينبغي التسرع، فالأصل إعادة ترتيب وتشكيل العلاقة معه، أفضل من جعله عدوًا، لأنه سيشكل إعاقة للمؤسسة.
"نتائج جيدة"
في السياق، يؤكد نائب رئيس جامعة الإسراء للشئون الأكاديمية د. أحمد الوادية أن الرضا الوظيفي يشكل أحد مؤشرات نجاح مؤسسات الأعمال، لأنه يعكس نتائج جيدة على المؤسسة.
"لكن هل الرضا الوظيفي هو مسئولية المؤسسة وحدها أم أن الموظف مسئول بأن يتحصل على الرضا الوظيفي؟"، يجيب الوادية في حديثه مع صحيفة "فلسطين" بأن المؤسسة لا يمكنها أن تحقق الرضا الوظيفي الكامل لموظف لا ينتج ولا يعمل جيدًا في مؤسسته، في إشارة منه إلى أن الرضا الوظيفي مسؤولية الطرفين: المؤسسة والموظف.
والمطلوب من الموظف ليحقق الرضا الوظيفي أن يؤدي واجبه جيدًا، وأن يكون مبادرًا لا مؤديًا لوظيفته فقط، -كما يقول-، والآن في كل دول العالم يتم التعامل مع الوظيفة ليس بساعات الدوام، وإنما بالقدرة على الإنتاج والمهارات التي تخدم المؤسسة التي يعمل فيها.
ويفصّل الوادية أكثر أن اتجاهات الإدارة الحديثة تتناول مقياسًا جديدًا لقياس الأداء، ليس فقط في عدد ساعات العمل التي يقضيها الموظف في الدوام، وإنما الإدارة بالأهداف، ويتم احتساب بعض المميزات لبعض الموظفين بناءً على المهارات والإنتاج.
ويشير إلى أن الانتباه إلى الإنتاجية وجدواها جزء من التقدير العالي من المؤسسة للموظف، إلى جانب أن المؤسسة ذاتها عليها دور بتوفير بيئة مناسبة تسمح بالتقدير، وخالية من التجاذبات والمشاحنات.
وحسب إحصاءات في عدد من دول العالم فإن السبب الأول لترك الموظفين عملهم هو عدم شعورهم بالتقدير، و41% من الشركات التي ينتشر فيها تقدير الموظفين لبعضهم البعض انعكس إيجابًا على معدل رضا الزبائن.
ويرى 46% من كبار المدراء أن برامج التقدير هي استثمار وليست مجرد نفقات، و14% من الشركات تقول إنها تقدم برامج للتقدير بانتظام عند التوظيف، فيما أعلنت الشركات التي تتميز بتقدير استراتيجي انخفاض متوسط معدل دوران الموظفين بنسبة 23%.
في السياق، فإن تقدير المدراء لأداء الموظفين يزيد من اندماجهم –الموظفين- بنسبة 60%، والمنظمات التي لديها برامج تقدير تظهر نسبة 28% أقل من مستويات الإحباط، وتقدير الزملاء بعضهم بعضًا يزيد من احتمالية التأثير الإيجابي على النتائج المالية بنسبة 35% موازنة مع تقدير المدير فقط.
والمنظمات التي تعتمد التقدير لديها احتمال أكبر بمقدار 12 ضعفًا للحصول على نتائج أفضل في عملها، وتنخفض فيها نسبة الدوران الطوعي بنسبة 31% عن التي لا تعتمد التقدير.