قبل أيام قمعت قوات السلطة تظاهرات فلسطينية، من مثقفين، وإعلاميين، وغيرهم، خرجوا احتجاجًا على المحاكمة غير المشروعة للشهيد باسل الأعرج، بتهمة حيازة سلاح غير شرعي. كانت عملية القمع عنيفة وقاسية، وأدت إلى كسر كاميرات الإعلاميين، واستولدت عمليات القمع العنيفة هذه احتجاجات أخرى لا سيما على تواصل التنسيق الأمني.
في هذه الفترة كان المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات يزور رام الله ويلتقي محمود عباس. كانت الرسالة التي حملها المبعوث الأميركي إلى محمود عباس بحسب المصادر العبرية أن هناك نية عند الكونغرس الأميركي لوقف المساعدات المالية عن السلطة واشتراط مواصلة منح الدعم لها بوقف التحريض على الإرهاب, وبكف السلطة الفلسطينية عن منح المساعدات المالية لعائلات المقاومين والأسرى؟!
وقالت القنصلية الأميركية في القدس، إن الرئيس محمود عباس والمبعوث الأميركي الخاص جيسون غرينبلات أكدا خلال اجتماعهما في رام الله يوم الثلاثاء، التزام السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة بالمضي قدما في دفع مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين, كما وتعهد عباس بمحاربة التحريض والعنف والإرهاب".
إن الربط بين وجود المبعوث الأمريكي وتحذيراته للسلطة، وبين القسوة في قمع المظاهرات، هو ما يمكن أن يفسر هذا العنف الشديد، الذي دفع بعباس مضطرًا إلى تشكيل لجنة تحقيق فيما جرى، وإسقاط التهمة عن الشهيد باسل الأعرج.
كانت عملية قمع المتظاهرين، ومحاكمة الشهيد بإذن الله باسل, هي الإجابة العملية على رسالة التحذير التي حملها غرينبلات، والقائلة إن السلطة تحارب المقاومة، وتحاكم المقاومين، وأنها تواصل طريق التنسيق الأمني، وعلى المبعوث الأميركي نقل رسائل السلطة إلى ترامب، وإلى الكونجرس، لذا فأنا أعتقد أن الرئيس عباس متورط في تشديد عمليات القمع، وأنه اضطر لتشكيل لجنة تحقيق لتخفيف الاحتقان، بعد أن لمس قوة المتظاهرين، وتجديد مظاهراتهم.
لجنة التحقيق لا تزيد على لجنة دفن الأحداث والاحتجاجات، ولن تصل إلى نتائج ملموسة، يمكن أن يشهد آثارها المتظاهرون، بمحاسبة بعض الضباط مثلا، أو نقلهم، أو إقالتهم، فهم في جوهر الحقيقة ينفذون أوامر محمود عباس الذي كان يلتقي في تلك الفترة المبعوث الأميركي.
ما يريده المتظاهرون وغيرهم ليس لجنة تحقيق تدفن القضية في بحر الزمن العميق، ولكنهم يريدون وقف التنسيق الأمني، لأنها السبب المباشر للاعتداء على المتظاهرين.