رفح - ربيع أبو نقيرة
تجربة فريدة من نوعها يتمنى الشيخ القارئ محمد نبيل خطاب، تكرارها في جمهورية إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة، حيث وجد طعما حقيقيا لمتعة العبادة في أيام شهر رمضان المبارك.الحصار وإغلاق معبر رفح البري يحولان بين القارئ خطاب صاحب الصوت الندي والذي يشبه صوت إمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس، وبين إمامة الإندونيسيين، ونقل رسالة فلسطين والقدس والمسجد الأقصى لهم.
وتمكن خطاب من السفر إلى إندونيسيا مرتين كقارئ وداعية وناشر للقضية الفلسطينية، الأولى بمفرده بصحبه عدد من القراء عام 2013، والثانية برفقة عائلته، زوجته وأطفاله التوائم الثلاثة، العام الماضي، تلبية لرغبة أهل الحي الذي سكنه خلال رحلته الأولى.
وأوضح خطاب في حديثه لصحيفة فلسطين، أنه تلقى دعوة أيضا عام 2014 الذي شهد حربا إسرائيلية على القطاع، لكنه لم يتمكن من السفر، قائلا: "العام الماضي نجحت بصعوبة بالغة، بالسفر عبر معبر رفح، في آخر فتحة له لمدة ثلاث أيام قبل رمضان".
ولفت إلى أنه "حتى لو فتح المعبر هذا العام واستطعنا الخروج من غزة، فهناك إشكالية كبيرة سنلاقيها عند العودة، خاصة أن الرحلة محدودة الأيام ورهينة انتهاء الفيزا، علاوة على بعض الإجراءات المعقدة".
وقال خطاب: "عناق حار وجميل في استقبال الأئمة الفلسطينيين خصوصا الغزيين، مما يدلل على تعاطف الشعب الإندونيسي وتأييده لقضية فلسطين"، مشيرا إلى أنهم يتشوقون للجهاد في سبيل الله في أرض فلسطين.
وتابع خطاب: "من المواقف التي استغربتها، أن الآلاف سجلوا أسمائهم لدى جهات رسمية من أجل الجهاد في فلسطين".
وأشار إلى أن الشعب الإندونيسي أكبر شعب مسلم، لكنه متعطش للدعاة، خاصة أنهم يحتاجون لتعريفهم بأساسيات العقيدة والفقه، لافتا إلى أنهم يرتحلون هناك كأئمة ودعاة، مع الأهمية الكبيرة للدعوة للدين وللقضية الفلسطينية والقدس والأقصى.
ومن الميزات الجميلة في رمضان إندونيسيا، أن الأطفال والرجال والنساء، يحافظون على الصلوات الخمس في المساجد، وفق خطاب، الذي أكد على أن رحلتهم تشوبها مشقة كبيرة، وليست نزهة، خاصة أن الإرهاق يصيبهم أثناء تنقلهم في السيارات من مسجد إلى آخر، ويستغرقون ساعات طويلة، أو من ولاية إلى أخرى يتنقلون بالطائرة في بعض الأحيان.
جدول مكثف
ولا تقتصر الدعوة على المساجد، بل تتعدى ذلك إلى المؤسسات والجماعات، وتجمعات السكان، كما أن فترة النوم في اليوم الواحد لا تتعدى الأربع ساعات ليلا، ليبدأ يوما جديدا من إلقاء الدروس وإمامة صلاة التراويح وقيام الليل، وفق قوله.
ولم يخف خطاب الحب الكبير والاحترام الذي أكنه له سكان قرية إندونيسية بجاكرتا، مسجدها اسمه دار السلام، القريب من اسم المسجد الذي يقود إمامته برفح وهو مسجد السلام، الأمر الذي دفعهم لاستئذانه بدعوة عائلته معه في الرحلة الثانية.
وتجاوز بعض المواقف المحرجة التي مر بها، مثل انكباب الإندونيسيين على تقبيل يده ومحاولة التبرك به، كونه من الأرض المباركة فلسطين، مشيرا إلى أنه يوضح للناس أن هذا الأمر لا يجوز، وأننا بشر مثلكم، فلا يكرروها مرة أخرى ويزيد احترامهم له.
وأوضح خطاب أن رمضان إندونيسيا يتميز بتنظيم جدول مكثف للعبادات والطاعات، قائلا: "نلاحظ أننا في غزة نعد فقط جدول خاص بصلاة التراويح، لكنهم يعدون برامج متكاملة لجميع الصلوات".
ولفت خطاب إلى أنه وجد صعوبة في التأقلم مع بعض الأطعمة، خاصة أن الإندونيسيين يضيفون عليه السكر بدلا من الملح، قائلا: "صنعت زوجتي طعاما عربيا وعزمناهم عليه، فأحبوه وأكلوا كميات أكبر، خاصة أن الوجبة الواحدة لديهم لا تكفي لطفل صغير عندنا"، موضحا في ذات الوقت أن زوجته استغلت وجودها معه في الدعوة إلى الله وفتح منزلها طوال اليوم لاستقبال النساء الإندونيسيات.