مع كلِّ تصعيد على غزة يسارع وزير حرب الاحتلال "نفتالي بينت"، بالتهديد والوعيد في عرض عضلات مزيف، وغير حقيقي، يشير إلى ضعف وتراجع قوة الاحتلال، وهو ما قاله "غابي شكنازي" رئيس أركان جيش الاحتلال سابقًا، بأن حماس باتت غير مردوعة.
المتأمل في كيان الاحتلال بشكل عام، يلحظ ضعف، وتراجع على تراجع، فرئيس الموساد السابق "تامير فردو" قال بان غزة افقدتنا التفكير الاستراتيجي في التعامل معها وتمطرنا بالصواريخ بعد كل جولة تصعيد، وانها بعد كل حرب عدوانية تزداد قوة، وهي تقرأ جيدا الخارطة السياسية للاحتلال.
يريد "بينت" القول ان يد الاحتلال هي الطولى في المنطقة، وانه قادر على ان يقصف أين ومتى شاء دون حسيب ولا رقيب، كما انه يوجه رسالة في كل الاتجاهات مع ازدياد حمى الانتخابات الاسرائيلية وان كان له نجاح فهو في الضفة الغربية خاصة في التوسع الاستيطاني والتضييق على الفلسطينيين.
"بينت" كسابقه "ليبرمان" رأى أنّ قدرة الردع تتآكل وتتهاوى فأراد أن يصرِّح تصريحات نارية ضد غزة ليخرج فارغ الكفين.
دليل ضعف "بينت" انه يهدد ويتوعد دون القدرة على التنفيذ، فللقوة مهما عظمت لها حدود، مع ان الاحتلال كان في السابق يقوم بالفعل ولا يهدد ولا يتوعد، فكانت افعالهم تسبق أقوالهم، وما يجري الآن هو العكس وهذا دليل ضعف وليس قوة.
عرض عضلات "بينت" المتواصل جاء أيضا لطمأنة الجبهة الداخلية المتراخية في الكيان وفي داخل جيشه، في ظل تنامي قوى المقاومة، وخاصة ان غزة وباعتراف الاحتلال، باتت صواريخها قادرة على ضرب كل شبر في الكيان، ولأسابيع وأشهر طويلة، والاحتلال لا يقدر على تحمل حرب تمتد لأسابيع وشهور، كون حروبه كانت دوما قائمة على عنصر المفاجئة والمباغتة لحسم المعركة مبكرا.
يستطيع "بينت" شن حرب واسعة على غزة وهذا بمقدوره نظريا، لكنه يمتنع للثمن الباهظ المتوقع، وهو يواصل تهديد حكام عرب كما شاء، كونهم مهزوزين، وغير منتخبين، يخافون من "الهواء الطاير"، ويحسبون كل صيحة عليهم، لكنه لا يستطيع تهديد او اخافة مقاومة يحتضنها شعبها، وتملك اسلحة اوجدتها عبر دماء أبنائها، ولديها عقيدة قتالية قوامها ان الشهيد يفوز بالجنة، وقتلى الاحتلال في النار كونهم طغاة وظلمة، وان الحرب مع الاحتلال شعارها: ننتصر أو نموت.
بدأ العد التنازلي لكيان الاحتلال، وفي كل الاحوال الاحتلال يتراجع، ويتقلص، وينحسر شيئا فشئيا، وتتهاوى قدرة الردع لديه بسبب تعاظم الوعي وقدرات المقاومة التي تتزايد يوم بعد يوم، وما عاد الزمن يعلب لصالح الاحتلال.
في السابق، حيث كانت أفعال جيش الاحتلال تسبق أقواله وتهديداته، فالضعيف – دولة او جيش - وعبر التاريخ كان يلجأ للصراخ والتهديد والوعيد، عندما يفتقد القدرة على التأثير وصناعة الحدث باقتدار، فغرور القوة يطيح بصاحبها دوما.
ازمة "بينت" هي ازمة الاحتلال بالمجموع العام، وقد يذهب الاحتلال لانتخابات رابعة، فكم من الحضارات انتهت وهزمت من الداخل بفعل تفككها وتناقضاتها الداخلية، فكيف بكيان صغير مصطنع زرع بالقوة في محيط عربي واسلامي هادر!؟