فلسطين أون لاين

قانون "الإرهاب".. يدق المسمار الأخير في نعش الديمقراطية الإسرائيلية

...

الناصرة / غزة - رنا الشرافي

رأى محللان سياسيان أن إقرار الكنيست لـ"قانون الإرهاب" يدق المسمار الأخير في نعش الديمقراطية التي تزعم دولة الاحتلال أنها تمتلكها.

وكان الكنيست الإسرائيلي قد أقر ما يسمى "قانون الإرهاب" والذي يعطي وزير الجيش والقضاء الإسرائيلي صلاحية تصنيف إعلان أي مجموعة أو منظمة سياسية أو غير سياسية حركة "إرهابية"، وفرض عقوبات على كل مناضل ضد الاحتلال حتى لو كان الأمر مقتصرًا على التعبير عن الرأي أو مجرد رفع علم أو وضع تعليق عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.

تشديد في القمع

الكاتب والمحلل السياسي المتابع للشؤون الإسرائيلية، محمود مرداوي، يرى أن إقرار هذا القانون يعتبر من الإجراءات القمعية، التي يمارسها الاحتلال عمليًا، وقد جاء من أجل أن يسهل على القضاء الإسرائيلي إسقاط الأحكام الجائرة على المؤسسات والأفراد، دون قيود سواء كانت مسؤولة مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة.

واعتبر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن هذا القانون ما هو إلا "أداة من أدوات قمع الشعب الفلسطيني، والذي كشف عن وجه الاحتلال القبيح، بعكس ما يدعيه من أنه دولة قانون"، مشيرًا إلى أن من تبعات هذا القرار أنه سيفجر الأوضاع في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948.

وحذر من أن القانون سينال ممن سيخرج من قطاع غزة، بهدف العلاج أو غيره"، شارحًا كيف أن هذا القرار هو وسيلة "انتقام من الناس"، حيث يسمح للقضاء الإسرائيلي بفرض أحكام سجن لفترات طويلة تصل إلى 25 عامًا لمجرد "الظن"!

وتابع: "إن أي تنظيم داخل الأراضي المحتلة عام 1948، سيعتبر معاديًا لمجرد أنه يحمل الهوية الفلسطينية، ويعتبر متجاوزًا للقانون ويعاقب، وكذلك فإن الأمر يندرج على الكتابات أو حتى مجرد إبداء "إعجاب" بشيء على الفيس بوك قد يسبب لصاحبه حكما بالسجن لمدة عامين بحسب هذا القانون".

وأوضح أن هذا القرار سيشكل نقطة تأثير وتوتر وسيكون وبالًا على الاحتلال كما حصل في كل الأوقات التي مارس فيها الاحتلال فرض القوة فكانت ردود الفعل عكسية، وقال: "إن دولة الاحتلال تحتاج إلى هذا القانون لأنه عند تشكيل لجنة أممية لمناقشة خرق لحقوق الإنسان، يكفي أن تتشكل لجان داخلية في الدولة وتخرج بنتائج "معقولة" حتى تلغي صلاحية اللجان الأممية".

وأضاف: "سيصبح الجندي أو الشرطي الذي يمارس الإجراءات القمعية على الأرض، بموجب هذا القرار محميًا من دولة الاحتلال والتي هي بطبيعة الحال محمية من العالم بموجب صلاحيات الفيتو الأمريكي، وبالتالي هو سيوفر أدوات عدة للتغطية على جرائم الاحتلال".

الجيش الدبلوماسي

ولمجابهة هذا الإقرار، أوصى المحلل السياسي بضرورة تحريك "الجيش" الدبلوماسي الفلسطيني والصديق للفلسطينيين، للتعاطف مع قضيتنا وكذلك منظمات المجتمع المدني الأوروبية والهيئات الحقوقية حول العالم، والتي تستطيع أن تتبنى قضيتنا".

وكذلك دعا السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ قرارات رسمية من خلال اللجان والمنظمات الفرعية في الأمم المتحدة لتعرية دولة الاحتلال وجرائمها، وكذلك في داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ومقاطعة الأسرى والمحامين للمحاكم إذا اعتمدت هذا القانون.

وأشار إلى وجود تجمعات يسارية داخل دولة الاحتلال ضد هذا القرار وتعتبره مسيئًا للدولة أمام الرأي العالمي، شارحًا أن هذا الإقرار إنما يعبر عن اليمين المتطرف الذي يقود حكومة الاحتلال الحالية، ولا يمثل وجهة نظر ديفيد بن غوريون الذي كان يولي اهتمامًا كبيرًا للرأي العام تجاه دولة الاحتلال.

العالم الليبرالي

وفي سياق متصل، رأى المحلل السياسي والمتابع للشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، أن هذا الإقرار مكشوف والهدف منه التغطية على الفشل الذريع الذي منيت به حكومة الاحتلال في توفير الأمن للمواطن الإسرائيلي".

وقال في حديثه لصحيفة "فلسطين:" إن هذا العجز يجعل حكومة الاحتلال تلجأ إلى أساليب خداع للمواطن الإسرائيلي تظهر له وكأنها بالفعل تسعى إلى مكافحة (الإرهاب) بينما هي بالفعل تخترع كل الطرق التي تلتف على مواجهة القضية الأساسية وهي إنهاء الاحتلال والسعي إلى (السلام) مع الشعب الفلسطيني ومع الشعوب العربية".

وأضاف:" إن خطوة الإقرار هذه هي بحد ذاتها تنطوي على مساس بالتوجه والقيم الديمقراطية التي تدعيها دولة الاحتلال، حيث جاء الإقرار بإجراءات عقابية لدرجة تتيح لأي رجل مخابرات أو شرطة إسرائيلي أن يعتقل أي شخص يشتبه به بأنه يتعاطف مع أي تنظيم فلسطيني".

وبين أن مجرد "الاشتباه" يشرعن الاعتقال الإداري الذي يعتبر قسريا وغير قانوني ويسمح بتضخيم الأحكام والتي هي موجودة أصلًا في القانون الإسرائيلي، لكنها أصبحت مشددة الآن وتسمح لهم باعتقال الشخص لمجرد كتابة مقال ومدة السجن قد تصل إلى 30 عامًا.

واعتبر أن ضحايا هذا الإقرار بالأساس هم "العرب والفلسطينيون وسيصل إلى اليهود أيضًا حيث يمكن أن يمس قوى يسارية تناصر حقوق الإنسان، مؤكدًا أن هذا الإقرار هو وجه من أوجه التشدد الأعمى الذي يسقط ما بقي من الديمقراطية لدى دولة الاحتلال.

ودعا مجلي إلى عدم السماح لهذا القرار بأن يمر مرور الكرام، وقال:" ينبغي أن يواجه بحملة شعبية لمناهضته ليتبين الوجه الحقيقي للسياسة الإسرائيلية أمام العالم، والتي تتظاهر أنها تنتمي للعالم الليبرالي".