فلسطين أون لاين

​مع الطفل "كثير الخطأ" العقاب أم المسامحة أفضل؟

...
غزة - مريم الشوبكي

لو كنتِ تشتكين من أن طفلك يرتكب الخطأ كثيرًا وتتساءلين هل تسامحينه دائمًا أم تعاقبينه, إذ يؤكد علماء التربية والنفس أن عقاب الطفل البدني واللفظي قد يمنعه من تكرار الخطأ أمامك إلا أنه من الوارد أن يُعيده في غيابك، لذا عليك أن تسامحيه دائمًا إذا فعله عن جهل وصعّدي الأمر إذا كرّره عن قصد.

مسامحة الطفل أم معاقبته.. أسئلة تربوية تدور في ذهن أي أم وأب، وإذا حتَّم الأمر استخدام العقاب فما الأسلوب الأمثل؟ وهل العقاب حينها يكون هدفًا أم وسيلة؟ وترى ما بدائل العقاب؟ وهل يمكن أن تُعلم الطفل وتدفعه عن تكرار الخطأ بطريقة تربوية سليمة.

أعارض العقاب

نور عاشور تعارض تمامًا الضرب للطفل إذا أخطأ؛ لأن الضرب يحطم نفسيته ويشعره بالخوف، تقول: "الحرمان من المصروف أيضًا أعارضه لأنه قد يشجع الطفل على السرقة ليشتري ما يريد, وإذا كان الطفل في المدرسة يشعر أنه أقل من زملائه فيحقد عليهم أو يبتعد عنهم".

وأضافت عاشور لـ"فلسطين": "إذا أخطأ ابني غالبًا ما أسامحه لأنه يأتي ويعتذر، وأحيانًا أخرى أقوم بمعاقبته بعدم اللعب في ساحة البيت مع "ابن الجيران"، أو عدم السماح له بمتابعة رسوم متحركة معينة، لألاحظ أن هذا الأسلوب يأتي بنتيجةٍ معه ويقلل أخطاءه".

أخرجه من المكان

إيناس ظاهر تعيش تجربة الأمومة مع طفلها الأول "عمر" ذي العامين، تتحدث عن تجربتها: "التربية من أصعب الأمور التي اكتشفتُها بعدما كنت أعاتب زوجات إخوتي في تقصيرهم في معاقبة أبنائهم وكنت ألومهم بالتقصير، لكن حينما خضتُ التجربة شعرتُ بـأن التربية تحتاج إلى كثيرٍ من الصبر والتحكم بالأعصاب".

وتابعت ظاهر: "أعاقب طفلي عندما يخطئ ويعاند، ولا يستجيب للأساليب التربوية الإيجابية من ترغيبٍ وترهيب، وأقوم بإخراجه من المكان الذي نتواجد فيه، وأحرمه من الجلوس معنا من غير ضربٍ أو توبيخ".

وأضافت: "إنما أخبره أن هذا الفعل عقابٌ له على تصرفه الخاطئ، وعدم استجابته، لأتركه يبكي خارج الحجرة من خمس إلى عشر دقائق، ثم أدخله مُحذرةً إياه من معاودة الخطأ".

معاقبة بالإقناع

في ذات السياق, بين الأخصائي النفسي إياد الشوربجي أن نمط التعامل مع أخطاء الطفل مرتبط بنوع التربية المتعود عليها من قبل والديه، وكذلك التوافق بين الزوجين في الأساليب التربوية معه.

وأوضح الشوربجي أنه يمكن مسامحة الطفل على خطئه دائمًا وهو في عمرٍ صغير حينما يفعل الخطأ عن جهل، وفي حال تكرار السلوك الخاطئ عن قصد يتطلب منها عدم معاقبته ولكن عليها توجيه سلوكه وأن يصاحب ذلك الإقناع.

وذكر أن دراسات بينت أن الأطفال الذين يعاقبون على سلوك؛ وما لم يلحق هذا السلوك بالإقناع وجدوا أنه يتكرر سلوكهم يتكرر خارج البيت أو في حالة غياب الوالدين.

ونوه الشوربجي أن هناك وسائل مختلفة لإقناع الطفل كتحذير الطفل من سلوك معين بأسلوب عملي مثل قصة أو مثال حي أو خيالي يرتبط بالسلوك الخاطئ.

ولفت إلى أن المسامحة تكون إذا تكرر خطؤه وتم توجيهه وإقناعه بأننا سنتجاوز هذه المرة وفي المرة القادمة سيكون هناك عقاب، كما أن ذلك يرتبط بدرجة خطورة أو بساطة سلوك الطفل فمثلًا لعبه في النار أو آلة حادة لا يمكن مسامحته.

الأسلوب يختلف

وشدد الأخصائي النفسي على أن معقابة الطفل بعيدًا عن العقاب البدني واللفظي، والاستعاضة عنه بوسائل تربوية ناجحة جدًا بتعديل سلوك الطفل كحرمانه من شيء محبب مثل ألعابه، أو حرمانه من وقت اللعب، أو الخروج في نزهة.

ولفت إلى أن أسلوب العقاب يختلف من طفلٍ لآخر، مع ضرورة تعزيز سلوكه الإيجابي، ومن الممكن أن يُصدر نظرة من الأم أو نبرة صوت معينة تجعله يتوقف عن الخطأ.

ونبه الشوربجي إلى أن العقاب وسيلة لتحقيق هدف وليس هدفًا بحد ذاته، لمنع الطفل من ارتكاب الخطأ، والتصعيد التربوي يكون بالتدريج.

وأكد أن العقاب بطرقٍ تربوية أسلوب ناجح في ضبط وتعديل سلوك الطفل، ولكن إذا كان في التعنيف الجسدي إساءة لفظية؛ فإن النقد المستمر يترك آثارًا سلبية في الطفل مستقبلًا، كشعوره الدائم بالخوف، وعدم الشعور بالأمان والاستقرار، وفقدان الثقة بالنفس.