بخصوص فيروس كورونا من المفترض أن نأخذ كل الاحتياطات اللازمة على قاعدة "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، نوقف السفر من الصين وإليها، نقوم بإجراءات الفحص والتحقق من كل داخل لفلسطين أنه غير حامل للفيروس، نجهز المستشفيات والمستلزمات الفنية والطبية لأي طارئ لعزل الحالات التي تصاب به، والتعامل معها بطريقة صحيحة وبما يعزز عدم انتشار المرض وحصره في أضيق نطاق ممكن.
وكما يحارب فيروس كورونا في الصين وفي أي بلد قد تظهر فيه هذه الفيروسات اللعينة لدينا ما هو أعظم وأخطر، فذاك الفيروس يصيب جسد المريض، وهذا فيروس التطبيع يصيب جسد الأمّة والقضية، والاثنان عرضة للانتشار والتوسع، إن لم نضع حدًّا لهما، ثم من شأن كل منها أن يدمّر ويهتك ويفسد أرواحنا، ويعكّر حياتنا ويضعها على مهب الريح السموم التي لا تبقي ولا تذر.
وقد يأمل من يصاب بهذا الفيروس "التطبيع" (هذا إذا أحسنا الظن به ووضعنا غشاوة على عيوننا وصرفنا النظر عن كل المحاولات الفاشلة) أن يؤثر على الشارع الإسرائيلي، ويحدث اختراقًا في الرأي العام عندهم، فينتج تيارًا باحثًا للسلام معنا، وهذا مثل أمل إبليس في الجنة، لأن كل الدراسات والأبحاث واستطلاعات الرأي وتشكيلة الأحزاب وبرامجها الانتخابية تشير بكل وضوح إلى سير هذا المجتمع قدمًا إلى المزيد من التطرف والمزيد من اليمينية السوداء، حتى أن قادة الأحزاب وصلت إلى حالة من الجنون في المزاودة والتمادي في التعدّي على الحقوق الفلسطينية، منها مثلًا الاستيطان المسعور، وضم الأغوار، والوقوف في وجه إقامة الدولة الفلسطينية، والسيطرة على كل ما يحول بين الفلسطينيين وأي حق من حقوقهم، وتوّجوا ذلك بما يسمى صفقة القرن.
يبدو أن من يسعى لهذا كمن يدعو للتطبيع والتعايش مع فيروس كورونا، غاضًّا الطرف عن كل الأضرار المحدقة، ومستخفًّا العواقب المدمّرة، يأمل أن يحدث تغييرًّا بنيويًّا على تركيبة هذا الفيروس، قد يتحوّل مثلًا إلى بكتيريا أو خميرة تختمر بها عجينة السلام، وقد تتحول إلى فيروسات تصنع المن والسلوى ودولة السمن والعسل.
الحل الوحيد لهذا الحالم الأهبل الغارق في أوهام أسياده أن يُحاصر وينبذ تمامًا، كما يجب علينا أن نحاصر فيروس كورونا حالة دخوله بلادنا.