كشف رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة زاهر بيراوي أن سفنًا تضامنية دولية ستبدأ في الإبحار إلى قطاع غزة نهاية شهر مايو القادم وحتى منتصف يونيو.
وأوضح بيراوي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن المهمة الجديدة لتحالف أسطول الحرية سيشارك فيها عدد من النشطاء والشخصيات السياسية والتضامنين المهتمين بكسر الحصار وتوفير حرية الحركة للفلسطينيين من غزة وإليها عبر البحر.
وأكد العضو المؤسس في تحالف أسطول الحرية الدولي، أن التحالف بدأ منذ ديسمبر الماضي الخطوات العملية واللوجستية لتجهيز سفينة أو أكثر للتحرك باتجاه غزة، مشيرًا إلى أن المشروع اعتمد ضمن حملة التحالف لتذكير العالم بمسؤولياته لإنهاء الحصار الذي جعل قطاع غزة غير صالح للسكن البشري.
وأوضح أن الرسالة السياسية التي تحملها السفن تركز على معاناة غزة بأطفالها وشبابها الذين يحرمهم الاحتلال من تحقيق أحلامهم بمستقبل زاهر.
وقال: "هذه المحاولات هي جهود رمزية تعبر عن إصرار على كسر الحصار وتأكيد رسالة التضامن مع الشعب الفلسطيني عمومًا، وغزة على وجه الخصوص"، متوقعًا أن تقتصر المحاولة الجديدة على سفينة صغيرة أو اثنتين تحملان على متنهما عددًا رمزيًّا من النشطاء من مختلف أنحاء العالم.
نجاحات متعددة
وعن دور اللجنة في كسر الحصار خلال السنوات السابقة ومخططاتها القادمة، أوضح بيراوي أنها تعمل مع المنظمات المنضوية تحت تحالف أسطول الحرية وغيرها من المنظمات التضامنية العاملة لدعم الحقوق الفلسطينية بحرية الحركة والتجارة.
وبين أن هذه الحلات تتم بتسيير سفن المتضامنين أو تنظيم القوافل البرية أو تنسيق الحملات الإعلامية والسياسية لتحقيق الهدف؛ لكن الظروف الإقليمية والدولية وحتى الفلسطينية لم تسمح بتحقيق الإنجاز الكبير الذي نحلم جميعًا بتحقيقه.
وأكد أن التحالف الدولي استطاع أن يبقي قضية الحصار حاضرة في أذهان العالم، وإيصال رسالة غزة لكل الدنيا، وفضح دولة الاحتلال وإظهار الصورة الحقيقية لها باعتبارها دولة فصل عنصري خارجة عن القانون.
حملة إسرائيلية شرسة
ونبه بيراوي إلى وجود حملات إسرائيلية شرسة يواجهها المتضامنون والنشطاء الدوليون، يسميها الاحتلال حملة "نزع الشرعية عن الذين يحاولون نزع شرعية (إسرائيل)"، موضحًا أن الحملة الإسرائيلية تتضمن "محاولات تشويه النشطاء ووصمهم بالإرهاب أو عداء السامية وغيرها من الأكاذيب الإسرائيلية".
وأكد أهمية مواجهة العنصرية الإسرائيلية بتنسيق الجهود الإعلامية والسياسية والتوعوية في أوساط المجتمعات والدول المختلفة، داعيًا إلى التركيز على ممارسات دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، التي تتعارض مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
ونبه إلى أن ذلك "يحتاج لجهد وتوفير الموارد البشرية والمالية الكافية لخوض معركة الرأي العام ومعركة الرواية".
وقال: "نجاح المعركة يحتاج لتوحيد الجهود واستمرارها، وتكامل الأدوار بين المستويات الرسمية والشعبية"، منبهاً إلى ضرورة اختيار وإتقان الخطاب السياسي والإعلامي الأكثر تأثيراً وخاصة في الأوساط الغربية وخارج العالم العربي والإسلامي.
وأضاف: "الوحدة الوطنية وتكامل الأدوار بين مكونات المجتمع الفلسطيني وإدراك طبيعة الصراع وامتلاك أدوات المعركة وفي مقدمتها إرادة التحرير وعزيمة الثوار، كلها مقومات أساسية للارتقاء بالقضية والتقدم على طريق التحرير".
عقبات دولية
وفيما يتعلق بطبيعة التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، لفت بيراوي إلى أنه يشهد تفاعلاً كبيراً في الأوساط الشعبية الأوروبية والغربية عموماً، غير أن العقبة التي يواجهها المتضامنون الدوليون تكمن في صعوبة تحويل هذا التأييد إلى تأثير حقيقي على القرار السياسي.
وعزا بيراوي أسباب ذلك إلى ارتباط الأحزاب الحاكمة في معظم الدولة بعلاقات وثيقة باللوبي الإسرائيلي ودولة الاحتلال، "الأمر الذي يجعل مهمة المتضامنين صعبة أو قليلة التأثير".
وقال: "دولة الاحتلال أدركت منذ فترة ليست بالقصيرة أنها تخسر معركة الرواية على المستوى الشعبي رغم كل الإمكانات التي تتوافر لديها لنشر أكاذيبها؛ ولذلك غيرت إستراتيجيتها بالتركيز على التأثير المباشر على الحكومات والأحزاب الحاكمة من خلال العلاقات التجارية والاقتصادية ومن خلال التعاون الأمني وغيرها من الأساليب الفوقية".
وتابع بيراوي: "يؤثر الاحتلال على بعض الدول لسن قوانين تجرم العمل التضامني كما هي الحال في تجريم حملات المقاطعة أو غيرها من القوانين التي باتت تحد من حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال وممارساتها".
وشدد على أن الكفة ما زالت راجحة لصالح الحقوق والرواية الفلسطينية على المستوى الشعبي في العديد من الدول الأوروبية، رغم الحملات الإسرائيلية المختلفة.
ملاحقة الاحتلال قانونيًّا
وفي سياق متصل، أوضح بيراوي أن الملاحقة القانونية لمجرمي الحرب الإسرائيليين تعد من أهم الميادين التي يحاول النشطاء الاستفادة منها لجلب المجرمين للعدالة، أو للتضييق عليهم باستمرار ملاحقتهم.
وقال: "المتابعات القضائية والقانونية تحتاج إلى نفس طويل وإمكانات مادية هائلة"، مشيراً إلى أن محاولات ملاحقة دولة الاحتلال في قضية هجومها على أسطول الحرية بقيادة السفينة التركية "مافي مرمرة" استمرت من 2010 حتى ديسمبر 2019.
وأضاف: "أصرت المدعية العامة لمحكمة الجنايات فاتو بنسودا على موقفها الرافض لملاحقة الاحتلال الإسرائيلي في تلك القضية، وكانت المحكمة الجنائية الدولية أمرت المدعية العامة للمرة الثانية (في سبتمبر 2019) بإعادة النظر فيما إذا كان ينبغي ملاحقة (إسرائيل) في القضية نفسها".
ورجح بيراوي ارتباط موقف المدعية العامة باحتمالات تعرضها لضغوط سياسية إسرائيلية أو أمريكية، مشدداً على أن "الجهات المنظمة للأسطول ولمحاولات كسر الحصار ما زالت متمسكة بحقها في ملاحقة أولئك المجرمين سواء في محكمة الجنايات أو في المحاكم الوطنية ذات الاختصاص، ولن يضيع حق وراءه مطالب".