فلسطين أون لاين

اسلك سبيل الاستشارة تغنم

...
غزة/ أسماء صرصور:

هل أنت ممن يأخذون برأي غيرك أم أنك شخص معتد بنفسك لا تشاور أحدًا؟، وهل يمكن أن تطلب نصيحة أم تدخل غمار أي عمل دونها؟

"لا شك أن العقل الإنساني محدود حينما يكون فردًا، والإنسان الناجح يجب أن ينتفع من العقول أو الخبرات المحيط به قدر الإمكان، خاصة أن الأمر مجاني في الغالب"؛ بهذا يبدأ خبير التنمية المجتمعية د. نعيم الغلبان حديثه إلى صحيفة "فلسطين".

ويلفت الغلبان إلى أن الاستشارة تثري عملية الإنتاج عامةً، فحينما تناقش العقول من أكثر من لون المسألة وتنقحها بحوار جميل، يختلف عما يمكن أن يُملى إملاءً على الشخص، مشيرًا إلى أن هذا الأمر أصبح واضحًا بالتجربة أن الاستشارة هي سمة الناس الرائعة والناجحة والمحبوبة.

ويذكر مثالًا: تخيل أن مديرًا يتخذ قرارًا دون استشارة، ودون أن يشاور من هم حولهم، وقد يكون من يعمل لديه أكثر دراية بالأمر وحكمة في اتخاذ القرار، كذلك الناس الذي تحاورهم في القضية يشعرونك أن الأمر يخصهم، ويناقشونك بكل ما يملكون من خبرات، وهذا الأمر سنه رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) بأن يستشير الصحابة والزوجة.

ويقول خبير التنمية المجتمعية: "أعتقد أن شعبنا بحاجة دائمًا للتعاون فيما بينه للوصول إلى حلول لمشكلاته، ولابد أن تجتمع العقول للوصول إلى الأفضل".

وبسؤاله: "من أهل الاستشارة؟"، يجيب: "هم أصحاب النموذج المتوازن، والعقل المبني على الفهم الصحيح، أصحاب النفس السوية وسلم النجاح المشهود به"، "لماذا؟"، يعلل بأنه حتى إن امتلك الرجل عشر شهادات من الدكتوراة ولا يرجع إلا إلى ينبوع عقله، فينبوع عقله يبقى محدودًا، وهناك آخر لا يمتلك كثيرًا من الشهادات، لكنه لديه الخبرة الكافية، ويستشير أصحاب العقول والتجارب ويسألهم في المسائل الحساسة.

ويتابع: "ففرق كبير جدًّا بين من يتخذ قراره بعد تجمع العقول واستشارتها، ومن يتخذ قراره بناءً على تفكيره المحدود ونظرته هو فقط"، مشددًا على أن الإنسان الناجح صاحب عنوان الاستشارة هذا هو الذي نحتاج له حتى على المستوى العام، خاصة القيادات توجه الأمة والدول.

وفي معرض إجابته عن سؤال: لماذا يترك بعض الناس الاستشارة، ويفضل ما يمليه عليه العقل؟، يقول: "هذه سمة نفسية سلبية، حينما أتيم بذاتي، فلا أرجع إلا لنفسي، وأتحرج أن أسأل الآخرين، وأنا أعلم أنهم يعلمون أكثر مني في هذا الأمر".

ويكمل الغلبان: "إن هذا النموذج تحرجه نابع من عدم وعيه، ومثله لا ينبغي أن يكون مسئولًا، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: "أشيروا علي أيها الناس"، ثم يأتيك هذا النموذج الذي لا يسمع من الناس!، فهذه النماذج (التي لا تسلك سبيل الاستشارة) لا تضر بنفسها وحسب، بل أسرها أيضًا، والمجتمع".