فلسطين أون لاين

الاقتحامات والاعتقالات.. هل باتت انتهاكات إسرائيلية اعتيادية؟

عابرًا يمر، نبأ الاعتقالات اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، بعد أن بات هذا النمط من الانتهاكات اعتياديًّا، أمام غيره من انتهاكات حقوق الإنسان التي تقترفها القوات الإسرائيلية.

وفي حين تكتفي وسائل الإعلام بما فيها الفلسطينية، برصد أعداد المعتقلين وفي أحسن الأحوال ذكر أسمائهم، فإن حكايات من الوجع والمرار، تغلف حكاية كل معتقل، مخلفة متوالية من الانتهاكات لمواثيق حقوق الإنسان.

 كما أن كل عملية اقتحام لتنفيذ اعتقال يتخللها عدد كبير من الانتهاكات، التي تعكس حجم التعدي الإسرائيلي الممنهج لقواعد القانون الدولي.

فمن واقع ما توثقه وتنشره منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية؛ تنفذ قوات الاحتلال الإسرائيلي من 10-25 عملية توغل واقتحام يومية للمدن والقرى والأحياء الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، دون تفرقة بين تلك الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية أو الإسرائيلي.

كما تعتقل قوات الاحتلال نحو 100 فلسطيني أسبوعيًّا بمتوسط 14 حالة اعتقال يوميًّا، سواء أكان خلال عمليات الاقتحام، أو الحواجز الفجائية والثابتة وهي تقدر بالعشرات يوميًّا وتفصل بين المدن والقرى الفلسطينية وداخلها أيضًا.

وبحسب الظروف الأمنية من منطقة لأخرى، تجري أغلب عمليات الاقتحام والاعتقال، في وقت متأخر من ساعات الليل، أو الفجر، ما يشكل مصدر إزعاج وإرهاب نفسي لكل المواطنين في المناطق المقتحمة.

يبدأ الاقتحام، بتوغل آليات الاحتلال الإسرائيلي، وانتشارها في الشوارع والأزقة، وأحيانا يسبقها تسلل الوحدات الخاصة التي تتخفى بملابس وسيارات عربية، ومن ثم تبدأ عملية حصار المنازل واقتحام البنايات والتمركز على أسطح البنايات وتحويلها إلى مواقع تموضع لقناصة الاحتلال.

في الكثير من الأحيان، تلجأ قوات الاحتلال إلى تفجير أبواب المنازل المستهدف أحد سكانها بالاعتقال؛ ليس لشيء إلاّ بهدف التخريب والإرهاب، ومن ثم تجري مداهمة المنزل وسكانه نيام، لتبدأ القوة المقتحمة باحتجاز سكان المنازل في إحدى الغرف والتنكيل بهم، والتدقيق في هوياتهم، وتفتيشهم وتفتيش المنزل والعبث بمحتوياته، وتخريبها، والسطو على الممتلكات، بما فيها الأموال، وهي حالة باتت متكررة بكثرة.

ومن منطقة لأخرى، ومن توقيت لآخر، يختلف التعامل الفلسطيني مع القوات الإسرائيلية المقتحمة. الثابت في هذا التعامل، سلوك الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تلتزم مقراتها قبيل كل عملية توغل واقتحام، ما يشي غالبا إلى وجود معلومات لديها مسبقة بوجود نية إسرائيلية لتنفيذ عمل أمني ما في المنطقة؛ يشذ عن ذلك حوادث نادرة وتطغى عليها الفردية.

 ومع ذلك لا تسلم هذه الأجهزة من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، فخلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر 6 فبراير الجاري حي البساتين في جنين، بهدف هدم منزل الأسير أحمد القمبع؛ للمرة الثانية خلال أقل من عام ضمن سياسة العقاب الجماعي، قتلت تلك القوات فلسطينيين، أحدهما الشرطي طارق بدوان (24عاماً) الذي قتل قنصًا برصاصة في بطنه وهو داخل مقر الشرطة الخاصة على دوار خالد نزال، وفق ما وثقته الكاميرات.

أما التعامل الشعبي، فتحدده عدة اعتبارات، متعلقة بالمنطقة والتوقيت والسياق، والخلاصة، ففي حين تمر غالبية الاقتحامات بهدوء ودون احتجاجات شعبية، تتحول بعض الاقتحامات إلى مواجهات قوية مع المواطنين الفلسطينيين، الذين يتجمعون ويلقون الحجارة والزجاجات الحارقة تجاه القوات التي بدورها تستخدم القوة المفرطة ضدهم، فيسقط ضحايا من الشهداء والجرحى.

تنتهي عمليات الاقتحام، غالبا، باقتياد عدد من الفلسطينيين يوميًّا، لا حصانة لأحد، نواب، أفراد أجهزة أمنية، طلبة، أطفال، نساء وغيرهم، كل فئات المجتمع تجرعت كأس الاعتقال. فخلال عقود الاحتلال هناك أكثر من مليون حالة اعتقال لفلسطيني وفلسطينية.

هذا المعتقل الذي يتحول إلى رقم أو اسم مجرد، في وسائل الإعلام، يمثل حالة قهر وحرمان وألم لا يتوقف في العائلات الفلسطينية، فهناك أرباب أسر يعتقلون، لتحرم عائلاتهم الأمان الاقتصادي والاجتماعي، وهناك طلبة يغيبون في أقبية السجون ليحرموا من حقوقهم في التعليم، وكذا مرضى يحرمون من حقهم في الصحة.

أنماط يصعب حصرها لمصفوفة حقوق الإنسان، تدوسها بساطير الاحتلال في كل اقتحام وكل عملية اعتقال، في حين يمارس المجتمع الدولي صمتًا يصل إلى حد التواطؤ. فالصمت وغياب آليات المحاسبة، والحماية الاستثنائية التي يكاد لا يكون لها مثيلًا في العالم، لـ(إسرائيل) وجيشها، تشجع على اقتراف المزيد من الجرائم، ومن يدفع الثمن المدنيون الفلسطينيون.. ولسان حالهم الموجوع دوما إلى متى؟

موقع هيوميديا