منذ عملتُ محاضرًا في إحدى الجامعات، وقبلها مدربًا للخريجين في تخصصي، أُستشار دائمًا في كيفية العثور على وظيفة، وأسمع أشياء من قبيل: "البلد ملأى بخريجي التخصص الذي أدرسه"، أو "أنا أدرس وأعلم يقينًا أنني لن أحصل على وظيفة"، أو "مهما حاولتُ وكنت مميزًا فسأقف في طوابير البطالة".
لهؤلاء الشباب الذين يزرعون بذور قلقهم بأيديهم، ولكثيرين يميلون إلى الاستسلام، أقول: دعِ القلق، وامضِ.
في عام 2005م، كنتُ طالبًا جامعيًّا، وتقدمتُ لدورة تدريبية بعنوان: "مهارات التقديم الإذاعي"، ووقتها اختاروا –وفق الاختبار القبلي- أحد عشر متدربًا، وقال القائمون عليها إنهم سيختارون الأول على هذه الدورة ليمنحوه وظيفة، فتدربنا وتنافسنا، وكان من بيننا شخص أبرز وأفضل، وفعلًا كان هو الأول، لكنني تقاسمتُ أنا وزميل آخر المرتبة الثانية في الدورة، فقرر القائمون وضع كلينا في المكان نفسه تحت التدريب والتقييم.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فوقت دخولي إلى هذه المؤسسة استوقفني أحد الزملاء ليقذفني بأسئلة قاسية جدًّا: "ماذا تريد أن تفعل هنا؟!"، "مثلُك ما زال مبتدئًا ولدينا جهابذة في المجال!"، "ألا ترى أن سوق العمل أصبح ممتلئًا ولدينا مذيعون ومحررون ومعدون ... إلخ، وأنه لا مكان لك؟!"، ثم قدم نصيحته الذهبية: "أنصحك ألا تُتعب نفسك هنا، ولتبحث عن وظيفة أخرى في تخصص آخر، فسوق عمل مجالنا لا يستوعب أي وافد جديد".
أذكرك -عزيزي الشاب- أن هذا الكلام كان قبل خمسة عشر عامًا، فكل وافد جديد على مجال معين يقال له إن المجال قد طفح بالمتخصصين وذوي الخبرات، وأنه لن يجد موطئ قدمٍ، مهما حاول.
لذا إليك النصائح التالية:
- دعِ القلق، وامضِ في طريقك نحو النجاح.
- آمن بما لديك، وأحب مجال دراستك وعملك.
- اسعَ وابذل واجتهد، فالله يحب العبد اللحوح.
- تيقن أنك ستصل يومًا ما، ولكن اصبر ولا تيأس.
- لا تتوقف لأي سبب كان، وقوفك يعني فشلك إلى الأبد.
وأختم بالقول: لا تخشَ التجربة، بل خضها دون تردد، فالجزء المُخيف حقًّا ليس الفعل نفسه، وإنما اللحظة التي تسبقه مباشرة.