فلسطين أون لاين

صفقة ترامب تضع يد الاحتلال على أهمها

تقرير الاحتلال يتربع على "كنوز" الضفة ومواردها الطبيعية

...
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

لا غرابة في مطامع الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على موارد الفلسطينيين الطبيعية بالضفة الغربية، التي تتربع على كنوز من البترول والغاز والحجر الطبيعي والصخر الزيتي ومساحات زراعية شاسعة، وثلاث آبار مياه.

كل ذلك زاد مطامع الاحتلال في محاولة ابتلاع أكبر قدر ممكن من الأراضي المحيطة والقريبة من الموارد الطبيعية، في حين أبقى الفلسطينيين في كنتونات ومدن معزولة عن بعضها، وهو واقع يحاول فرضه وترسيمه في صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية.

من أهم الموارد الطبيعية في الضفة مصادر المياه فهي تقع على ثلاثة أحواض، كذلك تضم حقل "رنتيس" للبترول والذي يضم مليارين ونصف المليار برميل من البترول، ويضم الحقل نفسه نصف مليار م3 من الغاز، يسيطر عليها الاحتلال، كما يحاول فرض سيطرته على منطقة الأغوار "السلة الغذائية" التي تبلغ مساحتها 28-30% من مساحة الضفة.

المياه هي أهم الموارد الطبيعية التي يستحوذ عليها الاحتلال الإسرائيلي بنحو مليار متر مكعب من المياه، منها 800 مليون متر مكعب من مياه متجددة، و200 مليون من المخزون الاستراتيجي، حيث يوجد بالضفة ثلاثة أحواض مائية، الأول: الحوض الغربي في منطقة رأس العين وقلقيلية، والحوض الشرقي في منطقة الأغوار، والحوض الشمالي الشرقي جزء منه في منطقة الغور الشمالي مع جزء من مدينة جنين، بحسب أستاذ الجغرافيا بجامعة بيرزيت د. عبد الله حرز الله.

في يوم المياه العالمي من العام الماضي، أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بيانا قال فيه: إن 22% من المياه المتاحة في الضفة وقطاع غزة، يتم شراؤها من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت".

وتعد نسبة المياه المستخرجة من المياه الجوفية والسطحية مرتفعة نسبة إلى المياه المتاحة في الضفة والقطاع، حيث بلغت هذه النسبة حوالي 77% للعام 2017, ناهيك بأن الاحتلال الإسرائيلي يحرم الفلسطينيين من استثمار حقهم من مياه نهر الأردن منذ سنة 1967 والتي تقدر بحوالي 250 مليون م3 سنويًّا.

ومن الموارد الطبيعية المهمة كما يضيف حرز الله لصحيفة "فلسطين" الحجر الطبيعي في الضفة الذي تتراوح قيمتها 500 مليون دولار سنويًّا، يأخذها الاحتلال من ثمانية مواقع يسيطر عليها أهمها في منطقة مدينة نابلس وطولكرم وغرب رام الله، والخليل، ويستخدمه في مجالات عدة منها الرخام والبناء.

في حين يجني الاحتلال نحو 800 مليون إلى مليار دولار سنويًّا من الأملاح المعدنية في البحر الميت، والذي يُستخدَم في العلاج والصناعة والصابون، وهو مورد كبير للمواد المعدنية والمغنيسيوم والبوتاسيوم والصوديوم ويستخدم للأغراض العسكرية وصناعة المتفجرات، ويبين حرز الله أن هناك عددًا من المصانع أنشأها الاحتلال فيها قيمة أقل خط إنتاج لا يقل عن مليار دولار.

"حقل رنتيس"

"حقل رنتيس" أحد أهم الموارد الطبيعية، الذي يتوقف عنده حرز الله، فالاحتلال يسحب منه ما لا يقل عن ثمانية آلاف برميل يوميًّا من خلال أربع آبار يخطط الاحتلال لحفر 36 بئرًا على مدار 40 عامًا قادمًا لسحب البترول من الحقل، مشيرًا إلى أن الاحتلال ظل يسحب عشرات الآلاف من براميل البترول لسنوات عديدة من منطقة البحر الميت.

وتنتج سلطات الاحتلال منذ عام 2011، النفط من حقل "رنتيس" غرب مدينة رام الله، ويصنف الحقل كواحد من أكبر الحقول في بلاد الشام، يحتوي على مليارين ونصف المليار برميل من البترول، حسب معطيات فلسطينية، كما يضم 182 مليار قدم مكعب من الغاز (نصف مليار متر مكعب .

وفيما يتعلق بالصخر الزيتي، يذكر أستاذ الجغرافيا أن هناك تقدمًا إسرائيليًّا في استخراج الصخر الزيتي من ثلاثة مواقع وهي: موقع قرب بلدة "ترقوميا" غرب الخليل، وموقعان شمال وشرق منطقة "ديمونا".

ويشير إلى أن الاحتلال كان قد خطط للبدء في عامي 2015-2016م في إنتاج 15 ألف برميل يوميًّا من المواقع الثلاثة لاستخراج الصخر الزيتي، إلا أنه لا توجد معلومات إن كان بالفعل استخرج نفس النسبة التي أعلنها سابقًا أم لا.

وعن موقع الحقل، يبين أن 85% من الحقل يقع داخل حدود الضفة الغربية، و15% في الأراضي المحتلة سنة 1948م، لافتًا إلى أن الاحتلال يستغل الأجواء في الضفة في إنشاء أبراج اتصالات، فضلا عن سيطرته على مساحات زراعية غنية كمنطقة الأغوار.

في حين تعد منطقة الأغوار سلة الضفة الغذائية لكونها غنية بمصادر المياه والمساحات الزراعية الشاسعة، فهي تتمتع بمناخ مناسب للزراعة.

وحتى سنة 2015، أقام الاحتلال على أراضي الأغوار 31 مستوطنة ، يوجد فيها 8300 مستوطن. أقدمها مستوطنات "ميخولا" و"مسواه" و"يتاف"، التي أنشأها الاحتلال سنة 1969.

ويسيطر الاحتلال حاليًّا على الأغوار من خلال الأوامر العسكرية بذرائع أمنية على امتداد المنطقة الواقعة من مدينة طوباس حتى جنوب شرق الخليل والتي تزيد مساحتها على 600 كيلو متر مربع.

منطقة الأغوار

يقول مسؤول ملف الأغوار ومقاومة الاستيطان بمحافظة طوباس معتز بشارات، إن الموارد الطبيعية في الأغوار ليست موجودة بأي أرض أخرى بالضفة الغربية، لكونها تقع على ثاني حوض مائي بالضفة الغربي وهو الحوض الشرقي الغني بالمياه يحتوي على كميات مياه كبيرة، مبينًا أن الاحتلال يسيطر على المياه فكل الآبار الارتوازية تسيطر عليها شركة "ميكروت" الإسرائيلية بالأغوار ولا يوجد بئر مياه واحد تابع للسلطة الفلسطينية.

إلى جانب ذلك كما يضيف بشارات لصحيفة "فلسطين" الأراضي الشاسعة التي يسيطر عليها الاحتلال، فنحو 80% من محافظة طوباس تعد ضمن أراضي الأغوار الزراعية حيث يوجد بالمحافظة نحو 420 ألف دونم، و180 ألف دونم بمنطقة الأغوار الشمالية أعلنها الاحتلال مناطق عسكرية مغلقة يمنع السكن فيها رغم أنها مملوكة في سجلات الطابو للفلسطينيين.

الأمر الثاني يسيطر الاحتلال على 62 ألف دونم تحت مسمى محميات طبيعية، في حين 220 ألف دونم بالأغوار أصبحت ضمن ما يسميه الاحتلال مناطق عسكرية مغلقة ومناطق أثرية وهي تقع بالقرب من التجمعات الفلسطينية السكانية التي أصبحت في مهب الريح، والتي يستطيع هدمها دون سابق إنذار؛ وفق بشارات.

وفق بشارات، فإن الأراضي الزراعية في الأغوار تغذي ثلث الضفة الغربية، مردفًا: "لك أن تتخيل، أن 13 مستوطنًا يعيشون بمستوطنة "ميحولا" يسيطرون على سبعة آلاف دونم، وهناك بؤر استيطانية تسيطر على مساحات شاسعة يسيطر المستوطن الواحد على قرابة 30 ألف دونم يمارس كل هوايته بالمنطقة في حين لا يستطيع صاحب الملك الفلسطيني الدخول لأرضه".

ويضيف: "عندما نقول إن الاحتلال يسيطر على الأغوار، فهذا يعني أنه سيطر على المياه والزراعة وكل الموارد الطبيعية فيها، وأنه لا حدود للدولة الفلسطينية المستقبلية إن سمح الاحتلال أن تقوم أصلًا، فلا حدود مع الأردن لأنها ستكون كاملة بيد الاحتلال".

يشير بشارات إلى تقرير صدر عن الأمم المتحدة عام 2016م يظهر أن الاحتلال يجني سنويًّا 4 مليارات دولار من مناطق الأغوار، التي تضم عشرات الآلاف من أشجار التمور والزيتون وكل الخضراوات، مبينًا أن الاحتلال يسيطر على المناطق التي تتمتع بوضع مائي ومناخي جيد، فأراضي الأغوار تزرع على مدار العام.

"خطأ سابق"

دكتور الجغرافيا بجامعة بيرزيت حسين الريماوي، يقول: "إن الخطأ الذي ارتكب قبل أكثر من 25 عامًا هو قبول السلطة بتقسيم الضفة إلى ثلاث مناطق "أ"، و"ب" و"ج"، وتشكل هذه المنطقة الأخيرة 60% من مساحة الضفة بقيت تحت سيطرة الاحتلال الكاملة".

يضيف الريماوي لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يسيطر على معظم الأراضي الزراعية في وسط الضفة الغربية، تنتج 700 مليون متر مكعب من المياه الجوفية، يسرق الاحتلال 600 متر مكعب لصالح المستوطنات، ويبقى 100 مليون متر مكعب يشتريها الفلسطينيون من شركة "ميكروت" الإسرائيلية بسعر دولار لكل متر مكعب.

ويختم حديثه: "سيطرة الاحتلال على المنطقة المحاذية لنهر الأردن، ومناطق "ج"، يجعل أراضي الضفة عبارة عن بقع سكانية غير متواصلة من جنين وحتى الخليل ما يشبه مناطق العزل في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا سابقًا"، مبينًا أن سيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعية يسبب خسارة هائلة للفلسطينيين ويجعلهم وكأنهم مجموعة سكانية تحتاج لمساعدات، فضلًا عن مخططات التهجير التي ستطال أكبر عدد ممكن منهم.