فلسطين أون لاين

تقرير هل يعزل الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية "صفقة ترامب" دوليًّا؟

...
توضيحية (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يطرح إعلان الاتحاد الأوروبي معارضته ضم سلطات الاحتلال الإسرائيلي مناطق في الضفة الغربية استنادًا لـ"صفقة ترامب" التصفوية، تساؤلات حول مدى إمكانية أن يسهم الموقف الأوروبي في تقويض الخطة على مستوى السياسات الدولية، إذ بقي الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية ثابتًا على أساس "حل الدولتين".

ولتحقيق ذلك شارك الاتحاد الأوروبي في العام 2001 في تشكيل اللجنة "الرباعية الدولية"، التي ترى في المفاوضات وسيلة وحيدة لحل الصراع وفق قرارات الشرعية الدولية كإطار مرجعي لها.

الاتحاد الأوروبي شدد في بيان له أول من أمس على أن قضية القدس لا يمكن إنهاؤها إلا في إطار حل الدولتين، وأن الاتحاد لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على المناطق التي احتلت في العام 1967، والتي تشمل: الضفة الغربية وشرقي القدس وهضبة الجولان السورية.

كما أكد الاتحاد الأوروبي أن "صفقة ترامب" تتجاوز المعايير الدولية المتفق عليها، وأنه "سيستمر في دعم جميع الجهود التي غايتها استئناف العملية السياسية، وفقا للقانون الدولي، الذي يضمن حقوقا متساوية ويكون مقبولا على جميع الأطراف".

ويرى مراقبون أن الموقف الأوروبي يثبت الفجوة بين الخطة المزعومة للسلام والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ويتطلب ذلك من السلطة الفلسطينية تفعيل الدور الميداني إلى جانب السياسات العملية لمواجهة الصفقة.

فرصة للفلسطينيين

ويصف رئيس مؤتمر فلسطيني أوروبا ماجد الزير، الموقف الأوروبي بالفرصة التي يتعين على الفلسطيني اقتناصها بموقف موحد يساعد الأوروبيين على التشبث بموقفه السياسي المعلن، مشيرًا إلى أن الاتحاد يبرر عدم تدخله الفاعل بالمسألة الفلسطينية والانقسام الفلسطيني.

ودعا الزير في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى تدعيم الموقف الأوروبي بمعارضة فلسطينية ميدانية لنجد تعاطفًا رسميًّا وشعبيًّا أوروبيًّا يقود إلى تحالفات دبلوماسية من شأنها حشر السياسات الإسرائيلية في "الزاوية"، خاصة مع امتلاك العشرات من دول الاتحاد الأوروبي علاقات تجارية واقتصادية مع (إسرائيل).

واستدرك، لكن – للأسف – الذي يحدد السياسة الدولية هو من يستطيع فرض قراراته على أرض الواقع وأمريكا تستطيع ذلك، فالمعارضة الأوروبية تعطي شيئًا من القوة للموقف الفلسطيني الدبلوماسي وتضفي مدافعة سياسية دولية حقيقية للصفقة.

ورأى الزير أن الموقف الأوروبي يعطي الفلسطينيين وقتا أطول لترتيب أنفسهم، ويجعل الخطوات الأمريكية لتنفيذ الصفقة بلا شرعية دولية سيما مع عدم اعتراف الأمم المتحدة بها، مشددًا على أن الموقف الفلسطيني، وحده هو الكفيل بعزل الصفقة ميدانيًّا وسياسيًّا شرط أن يبنى على إجماع رسمي وشعبي، ليحفز المواقف العربية والدولية على الالتفاف حوله.

ولفت إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وترامب توقعوا وجود معارضة دولية لذلك أعطوا الفلسطينيين أربع سنوات لتنفيذ الصفقة.

الرأي العام الأوروبي

السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم يقول من ناحيته: إن الموقف الأوروبي هو موقف الرأي العام العالمي جماهيريًّا وقانونيًّا ويتناسب مع الشرعية الدولية، التي أصدرت (150) قرارًا ضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته في الأراضي المحتلة، إضافة إلى عدد من قرارات مجلس الأمن الدولي .

وأضاف حلوم لصحيفة "فلسطين" بأن الاتحاد الذي يعتبر جزءًا من الشرعية الدولية لا يملك إلا أن يصدر موقفًا يعكس به الرأي العام الأوروبي، في حين تخضع الكثير من الحكومات الأوروبية للإملاءات الأمريكية.

ورأى أن الموقف له أثره ويسهم إلى حد كبير في عزل صفقة ترامب، التي جاءت في وقت حاول فيه نتنياهو وترامب تبادل المصالح، فالأول يواجه مخاطر عزله من الكونغرس الأمريكي، والثاني يواجه ملفات فساد ويسعى لحسم الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.

وما يعزز الموقف الأوروبي، وفق حلوم، هو وجود دول أوروبية تدرك معنى السيادة والقرار الوطني، وترفض أن تملي عليها الإدارة الأمريكية مواقفها.

وأشار إلى حجم الاختلاف بين موقف الاتحاد الأوروبي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وصفقة ترامب، فالأوروبيون يسعون إلى حل الدولتين رغم أنه فعليا لا يلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، لكنهم يرون ويؤيدون ما يقبل به الفلسطينيون والعرب.

أما الصفقة فتتعارض، مع كل ما يتصل بالشرعية والقوانين الدولية بدءًا من قرارات عصبة الأمم المتحدة وحتى يومنا هذا، قائلًا: "لم تواجه الشرعية الدولية انتهاكًا أكبر خطورة من صفقة ترامب من ألفها ليائها، لأنها تعطي الحقوق الفلسطينية كاملة للاحتلال، إضافة لممارسة الاحتلال من انتهاكات ومصادرة الحقوق والاستيلاء والتطهير العرقي".