لم تتوقف ملاحقة أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة، عن ملاحقة الشهيد المثقف والثائر باسل الأعرج وقت حياته الدنيوية، بل تعدت ذلك عقب استشهاده، ورحيله للدار الآخرة.
وعقدت محكمة الصلح في رام الله، أمس، جلسة لمحاكمة الشهيد الأعرج، الذي اغتالته قوات الاحتلال، الإثنين الماضي، في مدينة البيرة، وكذلك لمحاكمة رفاقه في سجون الاحتلال.
واعتقلت أجهزة أمن السلطة، الأعرج ورفاقه الخمسة، سابقا في 8 نيسان/ إبريل الماضي، تعرض خلالها للتعذيب داخل السجون، وبقي 6 أشهر حتى أفرج عنه في 8 سبتمبر/ أيلول الماضي بعد إضرابهم عن الطعام.
وأفاد محامي الشهيد مهند كراجة، بأن محكمة الصلح في رام الله عقدت جلسة المحاكمة، أمس، الساعة التاسعة صباحا، ورفضت تأجيلها حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا تزامنا مع الوقفة التي جرت أمام المحاكم.
وقال كراجة، لصحيفة "فلسطين": "بدأت المحكمة والكل يعلم أن الشهيد باسل قد اعتقل لدى السلطة منذ أبريل وأفرج عنه ورفاقه في سبتمبر 2016م، بكفالة مالية قدرها 2000 دينار أردني"، لافتا إلى أنه بعد الإفراج عنهم اعتقل الاحتلال أربعة منهم وبقي باسل وصديق آخر مطاردين.
وأشار كراجة إلى أن المحكمة قررت انقضاء الدعوى الجزائية عن الأعرج بسبب "الوفاة" بحسب القانون، وأبقت المحاكمة ضد رفاقه الخمسة وأجلت الجلسة حتى تاريخ 30 نيسان القادم، موضحا، أن الشبان الأربعة ينتظرون في حال تحررهم من سجون الاحتلال الوقوف أمام المحاكم الفلسطينية.
كشف أسرار
من جهته، ندد سعيد الأعرج شقيق الشهيد بسياسة أجهزة أمن السلطة الملاحقة للمقاومة والشرفاء، وتعاونها مع الاحتلال في ملاحقتهم.
وقال الأعرج لصحيفة "فلسطين": "نوافق على استكمال شروط المحاكمة بشرط واحد، وهو أن تسمح المحكمة بوجود فريق دفاع للمتهم، ووجود قاضٍ ونيابة عادلة، واستجلاب جميع المتهمين بالقضية، لنرى قوتهم التي نراها الآن في القمع باستحضار جثمانه من ثلاجات الموتى في سجون الاحتلال".
وأضاف: "السلطة من خلال التنسيق كشفت للاحتلال أسرار باسل وعمله المقاوم وما تطلع إليه"، مطالبا بتحديد موقف حقيقي وواضح للشعب الفلسطيني تجاه سياسة الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني مع الاحتلال.
واستدرك الأعرج: "أجهزة السلطة أخلت شوارع رام الله والبيرة وقت اغتيال شقيقي باسل، لكنهم أمس ظهروا واعتدوا على المتظاهرين وأهالي الشهيد في وضح النهار".
ودلالة محاكمة باسل، حسب شقيق الشهيد، أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس يقدسون التنسيق الأمني، بفرض قوانين بناءً على أوامر الاحتلال.
وأكد أن شعبنا الفلسطيني "يعي جيدا ما يحدث، ونريد أن نستنهض همته ضد الأقاويل والمسوغات التي ساقها المفاوض الفلسطيني عليه طيلة السنوات السابقة .. " لعل دم باسل يصرخ عاليا ليدرك من لم يدرك سابقا أن التنسيق الأمني والاعتقال السياسي جريمة بحق المقاومين والمناضلين الفلسطينيين".
وختم قوله: "دم أخي هو الصرخة والنداء الأخير للمشروع الذي تطرحه السلطة"، مستبعدا أن تقوم السلطة بتغيير نهجها، وأكد أنها ما تزال مصرة على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني ومقاومته وتسليم المقاومين والتنكيل بهم.
تعرية التنسيق
من جانبها، أكدت صمود سعدات، كريمة الأمين العام للجبهة الشعبية الأسير أحمد سعدات، إحدى المشاركات في الوقفة التي قمعتها أجهزة أمن السلطة، أن المطلوب من الفصائل الفلسطينية تعرية أجهزة أمن السلطة وممارساتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وقالت سعدات لصحيفة "فلسطين": " على الفصائل أن تتحرك بالأفعال في الشارع، وأن تقوم بخطوات فعلية وحقيقية تبين دورها ضد ما يتعرض له الشبان الفلسطينيون".
ورأت أن قمع أجهزة السلطة للوقفة السلمية، دليل على نهجها الذي يواصل التفريط والمس بالنضال الوطني ضد الاحتلال، بل ومحاكمة المناضلين الذين يقاومون الاحتلال بكل الوسائل، وقالت: "هذا نهج عبثي خائن للقضية الفلسطينية يعيق عملية النضال ويهدف لملاحقة المقاومين".
واستدركت: "كان يجب على المحكمة أن تعتذر وتبرئ المعتقلين في سجون الاحتلال بدلا من محاولات إسكات الصوت الجماهيري"، مشيرة إلى أن الدعوات الشبابية متواصلة منذ سنوات ضد الاعتقال والتنسيق، فضحتها محاكمة باسل.