(١)
لماذا يسرعون إلى صفقة القرن؟! أعني لماذا يسرع ترامب ونتنياهو للإعلان عن مضمون صفقة القرن في هذا التوقيت؟! يقولون إن الإعلان عنها، وكشف مضامينها، سيكون الثلاثاء، بعد إجراء مباحثات حولها مع نتنياهو وغانتس في البيت الأبيض.
بما أن الصفقة تمثل الرؤية (الأمريكية الإسرائيلية) المشتركة للحل السياسي القادم، وإعادة ترتيب أوراق الصراع، كان من المهم أمريكيًّا وإسرائيليًّا وضع اللمسات الأخيرة عليها في اجتماع الثلاثاء. في لغة الصناعات يقولون (الفنشن) مهم للجودة، وخداع الزبون، وحمله على الشراء، فهل يشتري الفلسطينيون الصفقة؟!
نعود للسؤال الأول، فنقول: إن ترامب نفسه في حاجة إلى الإعلان عن الصفقة، مع علمه بوجود عقبات قوية أمامها، ولكنه في وضع داخلي سيئ ويريد من خلالها مواجهة هذا الوضع السيئ، الذي قد يسفر عن محاكمته وإدانته، أو على الأقل قطع الطريق عليه للعودة في الانتخابات القادمة. ترامب يريد خلط الأوراق، وإعادة ترتيب الأجندة الداخلية، والمعين الأول له في تحقيق هذه الأهداف هو اللوبي الصهيوني، الإعلامي، والمالي، والقانوني، في أمريكا. وبالإعلان عنها من خلال اتفاقه مع نتنياهو وغانتس يضمن موقف اللوبي الصهيوني إلى جانبه، لذا كان حريصًا على دعوة نتنياهو وغانتس للبيت الأبيض، ليحضرا الإعلان. يتوقع ترامب ومستشاروه أن تحدث له صفقة القرن اختراقًا ناجحًا في العلاقات الخارجية، وأن تكون إنجازًا خاصًّا به وبالجمهورين بعد اتهامه بالضعف في ملف العلاقات الدولية.
ويمكن القول من جهة أخرى، إن نتنياهو نفسه في حاجة ماسة للإعلان عنها، لذا يمكن القول بأنه هو المحرك الرئيس في اختيار توقيت الإعلان عن الصفقة، فنتنياهو يريد أن يستخدمها ورقة في الانتخابات تساعده على الفوز، وتمنع محاكمته، وهو في الوقت نفسه يخشى من محاكمة ترامب، بما يحرم (إسرائيل) من فرصة تاريخية لا تتكرر كل مائة عام إلا مرة واحدة، بحسب قوله، حيث أكد أن صداقة ترامب مع (إسرائيل) تقدم هذه الفرصة التاريخية، وهو يرى أنه تحصل (إسرائيل) بالإعلان على ما تريد سواء بقي ترامب في البيت الأبيض، أو خرج منه. من هذا المنطلق نقول: إن نتنياهو صياد فرص بارع لا يسبقه أحد في الدولة العبرية.
هو يحصل على تأييد أمريكي لتنفيذ رؤية (إسرائيل) للتسوية وحل الصراع ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولا داعي للخوف من رفض الفلسطينيين فبعد فترة سيلتحقون بالقطار مرغمين؟!
هذا توقيت جيد لترامب ونتنياهو على المستوى الشخصي، والسياسي أيضا، وهو توقيت يأتي بعد الاحتفالية الكبيرة بالمحرقة، ويأتي في ظل ضعف فلسطيني، وتفهم عربي جيد للعلاقة مع إسرائيل وأمريكا، لا سيما في منطقة الخليج ومصر والأردن. ومن الملاحظ أننا نبعد مسافة أقل من 48 ساعة عن توقيت الإعلان، ولا يكاد يوجد رد فعل فلسطيني ولا عربي؟! بل ربما هناك من يقول بلسان الحال، أو غرف مغلقة: شكرًا ترامب، الله يوفقك؟!