يتقاطر اليوم على مدينة القدس المحتلة أكثر من 40 رئيسًا وزعيمًا من دول العالم للمشاركة في ما يسمى "منتدى الهولوكوست العالمي" الذي تقيمه دولة الاحتلال الإسرائيلي للمرة الخامسة على التوالي.
"المنتدى" الذي يأتي العام الحالي تحت عنوان "تذكر المحرقة.. محاربة معاداة السامية"، يمر وسط غياب شبه تام للسلطة الفلسطينية، وصمت خلا حتى من مواقف وبيانات الإدانة والاستنكار "المقولبة".
وفي إطار المؤتمر وبعد الأصوات التي دعت للتظاهر ضده، خرجت السلطة عن حالة الصمت إلى منع حزب التحرير من تنظيم وقفة احتجاجية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، باستخدام الإجراءات القمعية والحواجز العسكرية، ومنع المواطنين من الوصول للمدينة، وحولت دوار المنارة إلى ثكنة عسكرية.
استقبال المشاركين
وستستقبل السلطة عددا من الرؤساء في مقر المقاطعة برام الله، بعد مشاركتهم في "مؤتمر الهولوكوست" في القدس المحتلة، على رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
واعتبرت قوى ومؤسسات حقوقية مشاركة زعماء دول في "منتدى الهولوكوست" تشجيعا واضحا للاحتلال على الاستمرار في انتهاكاته بحق الفلسطينيين وتغطيةً على جرائمه.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي المقدسي فضل طهبوب، إن الفلسطينيين عموما لديهم من المبررات القوية لرفض المؤتمر وإدانته.
ويضيف طهبوب لصحيفة "فلسطين" أن القادة والرؤساء والزعماء المشاركين في المؤتمر "منتدى الهولوكوست" استحضروا جريمة ويتباكون عليها، وقفزوا عن الجرائم الحاضرة المنظورة بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد أن ما جرى في "الهولوكوست" قبل عشرات السنين في أوروبا، يقع الآن يوميا في الضفة الغربية والقدس وغزة بفعل جرائم الاحتلال الذي يضخّم "الهولوكوست" ويجمّع قادة العالم في القدس تغطيةً عما يرتكبه ضد الشعب الفلسطيني، والزعم من جهة أخرى أن القدس يهودية خالصة.
ولفت إلى أن موقف السلطة من المؤتمر "مؤسف"، وأنها في كثير من الأوقاف تبدو "تائهة"، أو تسير على ردات الفعل المجردة دون وعي لخطورة الأمور، متابعاً "على أقل القليل السلطة لديها إمكانية رفض عقد المؤتمر من ناحية سياسية، وأنه تعد على شعبنا وتأييد للإسرائيليين في احتلالهم وانتهاكاتهم".
جرائم حية
واختيار مدينة القدس ليس عفويًّا برأي الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الستار قاسم، بل مقصود من الناحية الجغرافية والسياسية لعقد المؤتمر.
ويضيف قاسم وهو أستاذ العلوم السياسية لـ"فلسطين"، أن القدس مدينة محتلة أولا، وثانيًا لم تقع فيها المحرقة أو الهولوكوست بحق اليهود، ولذلك رفضت بعض الدول المشاركة.
وقد رفض الرئيس البولندي اندزي دودا، المشاركة بالمؤتمر بسبب عقده بالقدس وليس ببولندا، وهاجم وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس متهما إياه بإهانة الشعب البولندي.
ولم يستغرب قاسم من موقف السلطة الصامت تجاه عقد المؤتمر في القدس، أو إبداء أي إدانة واستنكار، أو حتى وقوفها في وجه من حاول الاعتراض على المؤتمر من الجهات الفلسطينية السياسية.
ويشير إلى أن "الذي لا تفهمه السلطة أن من ستستقبلهم في رام الله من رؤساء وزعماء قدِموا متضامنين مع الاحتلال وفي قلب القدس المحتلة ويتغاضون عن جرائم حية يومية بحق شعبنا"، مردفًا: "(إسرائيل) نجحت في توظيف هذا المؤتمر سياسيًّا في سياقه لإكمال رواية مظلوميتها، وغطت غطاء ثقيلًا على جرائمها وإنكارها لحق الفلسطينيين".
وأكد أن السلطة "ضعيفة" والجميع يدرك ذلك، إلا أن الجميع لا يمكنهم فهم ألَّا تدعم وقفة أو اعتصام يقول: لتحيوا هذه الذكرى بعيدًا عن مدينتنا.