أقرّ المدعي العام العسكري الصهيوني بأن جنديا قد أعدم الشاب الفلسطيني أحمد مناصرة دون أن يكون هناك ما يدعو لإطلاق النار، وهذه تأتي لإظهار محاكمهم بالنزاهة والعدالة وكذلك لتهربهم من محكمة الجنايات الدولية حالة متابعة القضية هناك.
ورغم هذا الاقرار فإنّ في الامر ما فيه من رائحة الجريمة الكريهة التي تصيبهم أينما نظرت اليهم العدالة بعين موضوعية مجرّدة:
- فمقابل هذه الجريمة التي اعترفوا بها هناك آلاف الجرائم التي تستّروا عليها وذهبت أدراج رياحهم السوداء، فمتى مثلا يعترفون بمجازرهم التي ارتكبت منذ ما حلّ بفلسطين الى يومنا هذا؟ كم قتلوا من نساء واطفال؟ كم قصفت طائراتهم ودباباتهم وكم دمّرت من بيوت وعمارات سكنية فوق رؤوس ساكنيها، وحتى لم تسلم منهم مقرات الامم المتحدة التي لجأ الناس اليها فلاحقتهم قنابلهم العنقودية والفسفورية والفراغية، لست في صدد الاحصاء والتعداد فالمجازر والضحايا أكثر من أن تعدّ أو تحصى.
- الجريمة التي ارتكبوها وما يزالون هي وليدة ثقافة عنصرية لا ينفكون عنها، فكما أنهم ينظرون الى أنفسهم بانهم شعب الله المختار التي تولد العنصرية المقيتة اتجاهنا فهذا يجعل اصبع جنديهم رخوا على الزناد، لا يعتبر الفلسطيني انسانا مثله بل هو دونه بكثير فلا مانع من قهره وتعذيبه وقتله.
- من يجيز لنفسه احتلال ارض غيره واخضاع أهلها بالقوة لسيطرة هذا الاحتلال فإنه لا بد وأن تولّد هذه الجريمة جرائم متتالية من قتل واعتقال وتشريد ومصادرة اراض وتجاوز كل قوانين حقوق الانسان فالأمر لا يتوقف على جريمة واحدة.
- القتل والجريمة ديدنهم وهو مستمر دون توقف، وهناك ملفات كثيرة ستلاحقهم، عندما يستفرد مثلا ثلّة من الجنود بفتاة لا تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها فيصيبونها برصاصهم ويتركونها تنزف حتى تفارق روحها الحياة ، وهناك تصوير فيديو لأغلب هذه الجرائم.
- عندما يقف حاخاماتهم على مشارف غزة مثلا ويلقّنون الجنود الذاهبين الى عدوانهم بأن الفلسطيني مجرّد حشرة او أفعى فماذا يعني هذا غير التحريض والتشجيع على القتل واستباحة الدم الفلسطيني.
فالمجرم والقتل اذاً ليس هذا الجندي فحسب وليس ذاك الذي يقود الطائرة او الدبابة وليس ذاك المتربص بمدفعه الرشاش على الحاجز العسكري ليطلق النار بمجرد الاشتباه لعقله الذي تلبّسه الهوس من تعليمات قادته، ليس هؤلاء فحسب هم القتلة وإنما هي منظومة اجرام متكاملة من أعلى الهرم الى أسفله، هذا الكيان أقيم على الجريمة وعجن نفسه بها واستمرّ مصرّا عليها، مرد على القتل والجريمة وسفك الدماء، فقط بمجرد كونه احتلالا - وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد – فالذي أطلق النار على أحمد مناصرة وكل ضحية من ضحاياهم والمجرم هو هذا الكيان بكل أركانه، كله مجتمعا يمارس الجريمة ويستبيح الدم الفلسطيني. هم فقط يحاولون إلباس جريمتهم بجندي ككبش فداء ولكن الحقيقة كلهم غارق في دمائنا وأيديهم ملطخة دون أي جدال.