فلسطين أون لاين

تقرير مسيرة العودة.. حراك شعبي "دق جدران الخزان" في وجه الحصار

...
غزة/ أحمد المصري:

كان انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في الـ30 من آذار (مارس) 2018م محطة وطنية بارزة، لكسر الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، إذ قرر الفلسطينيون أخذ زمام المبادرة بأيديهم، مؤكدين عظمتهم، وفعاليتهم، وحراكهم النابض لإفشال كل المؤامرات والسياسات التي تستهدفهم.

من مبادرة شبابية وحراك على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى فعل وطني كبير يلتحم فيه الشعب بقواه الأساسية، في أكبر مشهد وحدوي ووطني أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة اهتمام العالم، و"دق جدران الخزان" في وجه الحصار.

ففي الرابع عشر من شباط (فبراير) 2018م، كشفت فصائل فلسطينية وقائمون على المسيرة عن اتفاق بينهم للبدء الفعلي في التحشيد لفعاليات مسيرة العودة؛ بموعدها المذكور، تزامنًا مع الذكرى الـ42 لأحداث يوم الأرض؛ بهدف تحقيق العودة وكسر الحصار عن قطاع غزة ولـ"تكون مصدر قلق كبير لدولة الاحتلال، ووضعها في مأزق أخلاقي، وتهوي بروايتها التي تجتهد في تسويقها عالميًّا".

تغلغل الحصار

وأتت فكرة المسيرة بعد تغلغل الحصار، ومفاعيله القاسية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وصمت المنظومة الدولية عن هذا الحصار، رغم ما يتجرعه المواطنون من ألم ومعاناة.

ويفرض الاحتلال قيودًا على التنقل في القطاع منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي -وفق إفادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» التابع للأمم المتحدة- وفرض حصارًا على القطاع، عقب الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006م، وشدده في يونيو 2007م بريًّا وبحريًّا وجويًّا.

ويشتمل الحصار على منع وتقييد إدخال المحروقات والكهرباء، والكثير من السلع، ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر.

وقبل انطلاق المسيرة بعام أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مشيرًا فيه إلى تجاوز معدلات الفقر 65% في القطاع، ووصول معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى 72%، وأصبح 80% من السكان يعتمدون على المساعدات، في حين شهدت البطالة ارتفاعًا لتصل إلى 43% نهاية عام 2016م، وأغلق حاجز كرم أبو سالم التجاري بنسبة 36% خلال عام 2016م، على قلة ما يدخله من بضائع.

ويقول عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، محمود خلف: "إن الحصار الشامل الذي يفرضه الاحتلال على غزة أدى إلى تدهور كبير في مستويات المعيشة، وخدمات الصحة والتعليم والوقود والكهرباء، وفاقم سوءَ الأوضاع في القطاع الناتجة عن عدوان عسكري مدمر للإنسان والعمران في 2006م و2008م و2012م و2014م".

ويضيف خلف لصحيفة "فلسطين": "إن الحصار على غزة نفذ بقرار سياسي من حكومة الاحتلال، لأهداف رئيسة تتعلق بعزل القطاع، وتجويعه وتضييق الخناق على المقاومة".

ويؤكد أن غزة استطاعت أن تصمد رغم الحصار ومآسيه، وثلاث حروب عدوانية شنت عليها، وأن تبني قوة للمقاومة شكلت حالة ردع يحسب لها حساب، في حين لم يستطع الاحتلال أن يحقق أيًّا من أهداف الحصار.

نضال شعبي

ويشدد خلف على أن مسيرات العودة أحد أشكال النضال الشعبي والجماهيري لإعلاء الصوت لكل العالم، أنْ مليونا فلسطيني يعيشون في حصار، وخنق اقتصادي يتنافى مع كل الشرائع والمواثيق الدولية.

كما يشدد على أن المسيرات التي وسمت بالشعبية استطاعت على مدار عمرها أن توصل رسالة بليغة إلى العالم، وحركت المياه الراكدة التي غض فيها مسبقًا عن هذه الجريمة الخطيرة.

ويؤكد خلف أن المسيرة "أذابت الثلج وخرقت الجدار المحكم للحصار"، وثبتت حقوق الشعب الفلسطيني وأعادت تموضع قضيته على طاولة العالم من جديد.

ويستدل بما حققته المسيرة في أمور المنح الدولية، وتحسن ملف الكهرباء، وإدخال الكثير من المواد المحظورة عبر المعابر، وزيادة مساحات الصيد البحرية، فضلًا عن طرح مشاريع إستراتيجية مهمة خدمة لأهل القطاع.

ويشدد خلف على أن نتائج نضال مسيرة العودة لم يكن لها أي من الأثمان السياسية في مقابلها، لأن كسر الحصار حق طبيعي لأبناء الشعب الفلسطيني، إلا أن هذه القضايا بحاجة لاستكمال وتواصل وطني من أجل رفع كامل للحصار.

ونتيجة استخدام الاحتلال العنف ضد المسيرة السلمية، بلغ إجمالي عدد الشهداء 316 شهيدًا، وبلغ عدد الشهداء من الأطفال 62 شهيدًا، في حين بلغ إجمالي عدد الجرحى 35 ألفًا و703 جرحى، وبلغت إصابات الرصاص الحي 40.7%، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط 7.7%، وإصابات الغاز 13.0%؛ وفق تقرير صادر عن وزارة الصحة في غزة حتى 23 تشرين الآخر (نوفمبر) 2019م.