أصدر البيت الأبيض الأمريكي فجر اليوم _حسب صحيفة عبرية_ بيانًا نشر فيه تفاصيل المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس محمود عباس مفادها أن الرئيس الأمريكي عازم على إبرام صفقة تسوية بين (إسرائيل) والفلسطينيين من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين برعاية أمريكية دون ممارسة أي ضغط على أي منهما مع توجيه دعوة رسمية للرئيس محمود عباس لزيارة البيت الأبيض، من جانبه أكد الرئيس عباس _حسب المصدر_ بأنه ملتزم بالسلام كخيار استراتيجي هدفه إقامة دولة فلسطينية إلى جانب ما يسمى (إسرائيل).
المكالمة الهاتفية وما فيها من تطمينات ودعوة لزيارة واشنطن ليست أكثر من رشوة سياسية للقيادة الفلسطينية من أجل تحقيق هدف رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي يريد من الجانب الفلسطيني العودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، فسياسة ترامب مع السلطة الفلسطينية لم تتجاوز مخططات نتنياهو قيد أنملة، ودليل عدم تقبل ترامب للسلطة وسياستها هو تحويل الدعم المالي الذي خصصته الإدارة الأمريكية السابقة لها والمقدر بنحو 200 مليون دولار إلى شركات إسرائيلية لها ديون على السلطة وإلى منظمات فلسطينية غير حكومية لتنفيذ مشاريع بنى تحتية في الضفة الغربية، وقيل إن بعض تلك الأموال خصص من أجل دعم إعادة إعمار غزة وهذا أمر مشكوك فيه.
المكالمة بين الرئيسين وضعت السلطة الفلسطينية أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإذا لبى الرئيس الدعوة الرسمية الأمريكية لزيارة واشنطن وطبعًا لا بد أن يكون حينها قد وافق على العودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وهذا يعني أن السنوات التي "صمدت" فيها السلطة والرئيس دون مفاوضات قد ذهبت هدرا والوعود التي قطعت للشعب الفلسطيني لم تنفذ وهذا محرج للغاية بالنسبة للرئيس محمود عباس، أما نتنياهو فسيكون قد حقق انتصارا وبإمكانه الاستمرار في الاستيطان وتهويد الضفة الغربية وحصار غزة وقتل الفلسطينيين بدم بارد، وكذلك يمكنه العمل على تنفيذ حلم السلام مع العرب قبل السلام مع الفلسطينيين، ووجود مفاوضات ثنائية مع الطرف الفلسطيني ستسهل مهمة نتنياهو مع العرب، حيث بعضهم لن يجد حرجا في بناء علاقاته مع العدو طالما صاحب القضية ذاته يفاوضهم.
أما الخيار الثاني أمام الرئيس الفلسطيني فهو رفض الدعوة الأمريكية والتمسك بالشروط السابقة، وهنا لا أدري ما قد يفعله متعهد مصارعة سابق ورجل هو أقرب إلى "الكاوبوي" منه إلى رجل السياسة فضلا عن كونه رئيس أقوى دولة في العالم.