في الوقت الذي تهدد إسرائيل جيرانها بالحروب والتصعيد العسكري، فقد كشفت العاصفة الجوية الأخيرة جملة عيوب في عدم جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لما هو أصعب من ذلك، على اعتبار أن الاعترافات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة لم تتأخر بالكشف عن أن إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة كوارث طبيعية مثل الفيضانات والهزات الأرضية، وبينهما الحروب والمواجهات العسكرية الكبيرة.
من اللافت أن ضعف تعامل المجالس البلدية والوزارات الحكومية مع الأمطار الغزيرة في الأيام الأخيرة لم يقتصر على الجانب الفلسطيني، بل وصل إلى إسرائيل، رغم أن وزاراتها وبلدياتها تحوز أضعافا مضاعفة من إمكانيات ما لدى الفلسطينيين.
لقد وضع التعامل المخجل لتلك المؤسسات الخاصة بالتعامل مع العاصفة الجوية الأخيرة، يده على جملة إخفاقات حول عدم جاهزية إسرائيل لكوارث أخرى، في ظل أن الأوساط الحكومية تكتفي بالتفاخر بالإنجازات، وتغمض عينها عن الإخفاقات.
صحيح أنه بين أيدي مؤسسات تقدير الموقف الإسرائيلية تقديرات تستبعد وقوع كارثة أو حرب، بدليل أن العاصفة حصلت دون توقعها، وهنا عنصر المفاجأة التي لم تكن مرافق البنى التحتية الإسرائيلية مستعدة لها، ورغم أن الدولة مسؤولة عن حماية مواطنيها، لكن ذلك لم يحصل للأسف مع إسرائيل، أسوة بالعديد من دول العالم.
يقسم الإسرائيليون الكوارث التي قد تحل بهم إلى نوعين، أولها الكوارث الطبيعية، والثانية من صنع البشر، والمقصود بها الحروب والمواجهات العسكرية الواسعة، التي يعرف الإسرائيليون تبعاتها جيدا عليهم، لكن مؤسسات الدولة في إسرائيل ليست جاهزة بعد بما فيه الكفاية للتصدي لها، مع أن كل التقديرات العسكرية تتحدث أننا أمام مواجهة "غير مسبوقة، بما يعنيه ذلك على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ومرافقها المدنية، وسيكون الإسرائيليون حينها أمام صورة بائسة للغاية لأوضاعهم.
رغم جهود المنظومة السياسية والحزبية لتسجيل إنجازات، والتقليل من حجم المخاطر الكامنة من أي حرب قادمة، فإن الدرس الأول من ضعف أداء مؤسسات الدولة مع العاصفة الأخيرة هو كسر حاجز الصمت، فالإسرائيليون يجب أن يدركوا المخاطر الحقيقية المترتبة على أي حرب قد تعلنها حكومتهم.
أما الدرس الثاني وفق التقدير الإسرائيلي؛ فهو ضرورة وجود منظومة إدارية وسياسية متفق عليها، تشمل التعامل مع هذه الكوارث الطبيعية والبشرية في ظل الفجوات الهائلة بين الاستعدادات لها، وما تتطلبه من تحديد أهداف محددة، وتنفيذها في المجال المطلوب.
في حين أن الدرس الثالث يكمن في أن التعامل مع حالات الكوارث يتطلب التعافي بسرعة من أي تبعات متوقعة لمثل تلك الكوارث، لا سيما الحروب، ومنع حالة الفزع التي قد تصيب الجمهور الإسرائيلي بصورة صعبة.
أما الدرس الرابع؛ فهو قلق الإسرائيليين المشروع من الاعتماد على دولتهم في إخفاقها على معالجة آثار فيضان نجم عن عاصفة جوية محدودة، لأن ذلك يعطيهم صورة مصغرة على أدائها في حالة حرب كبيرة، مما يجعلهم يقلقون على أنفسهم.