"لو كان هناك عالم يحترم القانون الدولي؛ لا يفترض أن يتعرض أحد لعقاب وأذى نتيجة قرار أحد آخر".. بهذه الكلمات بدأت والدة الأسير يزن مغامسة، وبدت غاضبة، حديثها عن نية الاحتلال الإسرائيلي هدم منزل العائلة في منطقة بيرزيت بمدينة رام الله.
وتساءلت سناء مغامسة: "لو أن أحدًا ما ألقى حجارة، فهل يجب أن يعاقب الأب والأم والأخت وباقي أفراد العائلة؟"، في إشارة إلى نية سلطات الاحتلال الانتقام من عائلة يزن المتهم بتنفيذ عملية ضد قوات جيش الاحتلال أدت إلى مقتل مجندة إسرائيلية فيها.
لكن في المقابل؛ تقول سناء في اتصال هاتفي مع "فلسطين": إن القرار الإسرائيلي "بالتأكيد إنسانيًّا مرفوض".
ويزن البالغ عمره (25 عامًا)، طالب في جامعة بيرزيت، ويدرس تخصص علم الاجتماع.
وتدرك والدة الأسير جيدًا قدرة الاحتلال على اللعب بأعصاب نجلها من خلال التضييق على عائلته، وإقرار هدم منزلها عقابًا على مشاركته في تنفيذها، إن صحت رواية الاحتلال، التي دائمًا يكذبها نشطاء.
وتقول سناء، إن عائلتها أبلغت من مركز الدفاع عن الفرد في القدس المحتلة "هموكيد" (إسرائيلي)، بنية الاحتلال هدم منزلها، وأمامها حتى 15 يناير/ كانون الثاني الحالي، للاستئناف على القرار.
وإن كانت عائلة الأسير تعيش ظروفًا قاسية منذ اعتقاله، فإن إخطار الهدم زاد من همها ومعاناتها.
وتقول الأم: "إن يزن نجلها الوحيد إضافة إلى ابنتها ندى (28 عامًا)، وليس لديها سواهم، ولم تتخيل يومًا أن يحرمها الاحتلال منه بهذه الصورة، وأن تصبح تراه مرة واحدة في الشهر خلال زيارتها له في السجون".
وهكذا أصبحت سناء واحدة من آلاف الأمهات الفلسطينيات القابعين أبنائهن في سجون الاحتلال الإسرائيلية.
لكنها ما زالت تقول: "إن هدم منازل عائلات الأسرى "جريمة ترتكب ضد الإنسانية".
وعائلة يزن ليست الوحيدة، فقد أخطرت سلطات الاحتلال 3 عائلات أخرى في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وهم: محمود عطاونة من الخليل، ووليد حناتشة من الطيرة، وأحمد قنبع من جنين.
وتأتي قرارات الهدم هذه؛ استكمالًا لحلقات التعذيب والقهر بحق الأسرى داخل السجون، بمعاقبة ذويهم وهدم منازلهم وتشريد عائلاتهم، كما يقول مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات الباحث رياض الأشقر.
وأكد الأشقر في تصريح لـ"فلسطين"، أن سياسة الاحتلال بهدم المنازل "إجرامية، تتزامن مع أوضاع اقتصادية صعبة يعانيها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، لا تمكنهم من إقامة منازل بديلة لشهور وسنوات، وهو ما يسبب مضاعفة لعائلة الأسير والأسير ذاته.
ويتعمد الاحتلال -وفق الأشقر- التنكيل بالأسرى باستهداف ذويهم، لأنه يعلم جيدًا أن أكثر ما يؤثر على الأسير هو التنكيل بذويه ومعاقبتهم، ليسبب ألمًا وحزنًا كبيرين له، وخاصة الأسرى الذين نفذوا عمليات فدائية وتسببوا بمقتل جنود وإصابة آخرين منهم، والذين دائمًا ما يقرر الاحتلال هدم منازلهم.
وفي بداية تنفيذ قرار الهدم -كما روى الأشقر- يشن الاحتلال حربًا نفسية ضد عائلة الأسير، وتبدأ العملية باقتحام وحدات الهندسة في جيش الاحتلال برفقة ضباط "الشاباك"، المنزل المستهدف، وتأخذ قياساته وتصوره لأول مرة ثم تعود للمرة الثانية لتؤكد على القياسات، وفي المرة الثالثة تأتي لتفجر المنزل أمام أصحابه، إن كان ليلًا أو نهارا.
وقال: إن (إسرائيل) تسعى لاستهداف معنويات الأسرى في السجون حتى يشعروا بالذنب والمسؤولية عما جرى لذويهم نتيجة قيامهم بأعمال مقاومة.
ونبَّه إلى أن "رسالة الاحتلال من هذه السياسة؛ أن هذا هو مصير كل من يقاوم ومن يتسبب بقتل أو جرح جنود أو مستوطنين إسرائيليين، سنهدم بيت عائلته ونشردها، كما أنه يريد دفع الشباب الفلسطيني بعيدًا عن المشاركة في أي عمليات مقاومة، من خلال الهدم والغرامات المالية الباهظة، والتي تصل مئات آلاف الشواكل، ويعاقب أهل الأسير مرتين، بالهدم والغرامة.
لكن كما يقول الأشقر الباحث في قضايا الأسرى، فإن ممارسات الاحتلال هذه تخالف كل الشرائع والقوانين الإنسانية.
ويؤكد حقوقيون واختصاصيون في القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، أن مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي على أرضه، مشروعة حتى الخلاص من الاحتلال.