سلمت تركيا السلطة الفلسطينية نسخة من الأرشيف العثماني القديم، بهدف الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تنهب الأراضي بلا حسيب أو رقيب، وتريد ضم الأغوار ومنطقة "ج" التي هي عبارة عن ثلثي مساحة الضفة الغربية.
صحيح أن الأرشيف العثماني قديم، ولكن الاحتلال بالمحصلة يخشى أي صيحة عليه، ويعد أي دليل على عدم شرعيته يجب أن يحارب ويلاحق ولا يعترف به، ومن هنا فإن أي حركة أو فعل أو أي عمل يربك الاحتلال فلا ضير منه، وسيصب في مصلحة الفلسطينيين بحكم وقوعهم تحت الاحتلال ويريدون أي دعم لقضيتهم.
غير دقيق زعم من يقولون إن الأرشيف لا يقدم ولا يؤخر، حيث سيساعد في إثبات ملكية الأراضي التي استولى عليها الاحتلال، وسيفيد الباحثين في التاريخ، وتقديم أوراق ثبوتية أمام المؤسسات الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة تحرج الاحتلال، وتجعل مزاعمه بأحقيته في الملكية هباء منثورًا.
صحيح أنه مع انتهاء الحكم العثماني والنكبة بين أعوام 1917– 1948 تغيرت ملكية الأراضي بشكل كبير بيعًا ووراثةً، ولكن ذلك يعني أن ملكيتها تحولت للاحتلال، الذي هو بحسب القانون الدولي محتل وغاصب.
معالجة السلطة الفلسطينية لموضوع الأراضي عبر الطرق الدبلوماسية، وفضح الاحتلال في مؤسسات المجتمع الدولي من مجلس أمن ومحكمة الجنايات الدولية، والأمم المتحدة لا ضير فيه، ولكن لا يصح أن نضع كل البيضات في سلة المجتمع الدولي الذي لن يكون ملكا أكثر من الملك نفسه.
جزء من المعركة مع الاحتلال هو القانون الدولي والمجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية الأخرى، لكن هناك جزء أهم من كل ذلك، وهو الصراع على الأرض مباشرة، وهنا اكتفت السلطة بالمسيرات السلمية الشعبية التي لم تنجح في وقف الاستيطان أو الحد منه، أو حتى منع بناء شقة استيطانية واحدة.
من مكر ودهاء الاحتلال أنه يسمح أحيانا باستعادة جزء يسير من أراضٍ مسجلة ضمن الطابو العثماني أو الأردني، ليقول للعالم إن ما يقوم به ضمن القانون بدليل أنه أرجع أراضيَ أثبت أصحابها ملكيتهم لها، في محاولة لتضليل المجتمع الدولي لشرعنة استيطانه واغتصابه الأرض الفلسطينية التي لا يجيزها القانون الدولي الإنساني.
من أساليب الاحتلال لسرقة الأرض ما يعرف بقانون "أملاك الغائبين"، أي أن صاحب الأرض -وهو هنا اللاجئ- غائب عن أرضه، وبالتالي يستنزفها الاحتلال، ويصادرها ويسرقها جهارا نهارا بحجة القانون "الإسرائيلي" الذي هو من صنع يديه وعلى مقاسه.
مطلوب من الفلسطينيين حماية أراضيهم بكل الطرق والوسائل التي من بينها حمايتها بالطابو، واستخدام الفلسطينيين لها وزراعتها مهما كانت، قريبة أم بعيدة عن المستوطنات القائمة، فالأراضي جميعا محط أطماع الاحتلال التوسعية.
لا يضيع حق وراءه مطالب، والحقوق لا توهب ولا تعطى بالمجان، بل تنتزع انتزاعا، والحق في الأرض الفلسطينية هو خالص للفلسطينيين، ولا يصح مثلا لـ"نتنياهو" المستجلب من الخارج من منطقة غربية اسمها لتوانيا أن يزعم أن الأرض الفلسطينية هي أرض يهودية، وهذه مزاعم باطلة وماكرة ولا أساس لها من الصحة.