عامًا بعد الآخر تزداد جرائم القتل في الوسط الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 1948 دون تحرك جدّي يذكر من جانب شرطة الاحتلال، بينما ملفات تغلق بعد شكاوى تقدم للقضاء الإسرائيلي لكن من غير تحقيق أو مساءلة.
وقتل 93 مواطناً بينهم 11 امرأة بالأراضي المحتلة عام 1948، على إثر جرائم قتل مختلفة خلال العام الماضي (2019)، بتواطؤ وتقاعس من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب موقع "عرب 48"، فقد شهد عام 2019 حراكًا شعبيًّا واسعًا ضد جرائم القتل في أوساط فلسطينيي أراضي الـ48، لوضع حد لازدياد العنف والجريمة وتواطؤ سلطات الاحتلال.
وأظهرت إحصائيات نشرها الموقع، مقتل 76 مواطنًا بينهم 14 امرأة، في جرائم قتل مختلفة، عام 2018، ومقتل 72 مواطنا بينهم 10 نساء عام 2017.
وكان آخر ضحايا جرائم القتل العام الماضي، الشاب سراج جربان (23 عاماً) الذي توفي متأثرا بجروحه الحرجة التي أصيب بها في جريمة إطلاق نار وقعت مساء 30 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، بمدينة يافا المحتلة، وهي جريمة القتل الثانية التي شهدتها أراضي الـ48، في اليوم ذاته، بعد ساعات من مقتل الشاب محمد سعدي (39 عاماً) من قرية بسمة طبعون.
"سلاح غير مرخص، تقاعس شرطة الاحتلال الإسرائيلي عن محاسبة المجرمين، وانتشار الفقر والبطالة".. جميعها أسباب ساهمت في تفاقم وانتشار الجريمة في الداخل الفلسطيني، وفق المختص في الشؤون الإسرائيلية عليان الهندي.
وقال الهندي لصحيفة "فلسطين": "إن ارتفاع جرائم القتل في الوسط العربي سببه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتعاملها مع الفلسطينيين من ناحية أمنية، ولعدم وجود مقرات للشرطة في المدن والتجمعات الفلسطينية".
ونوه الهندي إلى أن سلطات الاحتلال تسعى جاهدة لإغراق الداخل المحتل في المشاكل، لمحاولة إلهاء الفلسطينيين وإشغالهم بأمورهم الداخلية ولمنع مواجهتهم لها.
وذكر الهندي، أن غالبية المجرمين ومن يقومون بعمليات قتل في الداخل المحتل هم أعوان للاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض محاسبتهم ويعزز من تواجدهم خدمة لأطماعه بالمنطقة.
وتابع: "إن أية محاولة للإخلال بأمن الاحتلال أو تشكيل خطر عليه يتم مواجهته بالقوة واعتقال القائمين عليه، على عكس من يرتكبون الجريمة في الوسط العربي الذين يتركون وتوفر لهم الحماية".
وللتخلص من حالة العنف في الوسط العربي، يدعو الهندي إلى تعزيز تواجد أفراد من الشرطة الفلسطينية، وإنشاء مقرات ومراكز لها تقوم على حفظ الأمن ومحاسبة المجرمين، إلى جانب تثقيف الفلسطينيين بالجرائم وخطورتها على المجتمع، وسحب الأسلحة العشوائية وغير المرخصة، ومحاسبة المجرمين عن الجرائم التي ارتكبوها.
مكافحة الجريمة
بدوره، أكد رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي النائب العربي السابق في الكنيست، جمال زحالقة، أن أسباب ارتفاع العنف بين فلسطينيي الداخل المحتل، يرجع إلى تواطؤ شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وعدم قيامها بالدور المنوط بها في اعتقال المجرمين.
وقال زحالقة لصحيفة "فلسطين: "إن عدم محاسبة واعتقال المجرمين يشجع على زيادة أعمال العنف في الداخل الفلسطيني المحتل"، مؤكدًا أن صمت شرطة الاحتلال عن الجرائم التي ترتكب في الداخل المحتل، بمثابة مكافأة وتشجيع للمجرمين لزيارة جرائمهم.
وبين أنه "خلال أقل من 24 ساعة تسارع شرطة الاحتلال في إلقاء القبض على الفلسطينيين حال أقدموا على قتل مستوطنين، وفي حال كانت جريمة القتل منفذة بحق الفلسطينيين فيترك القاتل حرًا لأشهر طويلة دون محاسبه، ما يشجع غيرهم على مواصلة ارتكاب الجرائم.
وأشار إلى أن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني أطلعت جميع الأطراف المعنية خلال الأشهر الماضية على الجريمة في الداخل المحتل، ودور شرطة الاحتلال في زيادتها، في محاولة منها للضغط على حكومة (تل أبيب) للتحرك وممارسة دورها في مكافحة الجريمة في الداخل الفلسطيني.
وتابع: "إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي أدركت أن عدم مكافحة الجريمة في الداخل المحتل، سيطالها وستتوسع الجريمة ما سيدفعها لمواجهتها"، مشيرًا إلى أن لجنة المتابعة العليا تلقت وعودًا بمكافحة الجريمة "بشكل جدي".
يشار إلى أن عام 2018 سجل مقتل 72 فلسطينيًّا داخل أراضي الـ48 بارتفاع ملحوظ عن عام 2017 حيث شهد مقتل 67 فلسطينيًا.
وتقدر إحصائيات الرسمية انتشار أكثر من 600 ألف قطعة سلاح دون تراخيص بين المواطنين العرب، وهي الظاهرة التي ساهمت في تجذر العنف وإشاعة الجريمة وترويع المواطنين، في ظل تقاعس شرطة الاحتلال بما حفز إنشاء عصابات للجريمة المنظمة في البلدات العربية.
ويبلغ عدد الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 مع بداية العام الجديد 2020 نحو مليون و916 ألف نسمة (21%)، بحسب تقرير صدر حديثًا عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.