فلسطين أون لاين

تقرير "الإجازة النصفية" للترفّه أم التعلم؟

...
صورة تعبيرية
غزة/ مريم الشوبكي:

بعد انتهاء الاختبارات النصفية ووداع عام 2019م، تبدأ أيام إجازة نصف العام الدراسي، وكل ما يدور في ذهن الأطفال أنها فرصة للعودة إلى اللعب بعد أيام طويلة قضوها مع أمهاتهم في الدراسة، فهل ترك الأبناء للعب هو الحل الأمثل للاستفادة من هذه الإجازة؟

ويتنوع قرار الأمهات في الإجازة النصفية بين التركيز على تعليم أطفالهن منهاج الفصل الدراسي الثاني، وإعطائهم الحرية المطلقة في اللعب والترفُّه، لكن هل هناك طريق آخر يمكن أن تسلكه الأم يعود عليهم بالفائدة والترفيه في الوقت نفسه؟

الغزية ندى أبو راس ربة منزل، ترى أن الإجازة النصفية تبعًا لعدد أيامها القليل الذي يمتد أسبوعين هي فرصة لاستعادة أطفالها نشاطهم، بعد أشهر من الضغط والإرهاق النفسيين في الدراسة والتحضير للامتحانات.

وتقول أبو راس (30 عامًا) في دردشة مع صحيفة "فلسطين": "مهلًا على الدراسة، فالفصل الدراسي الثاني سيبدأ بعد أيام قليلة، ومعه يعود أبنائي لروتين الدراسة، لذا لا أحبذ تحميلهم فوق طاقتهم، فاللعب والترفيه مطلوبان أيضًا للتفريغ النفسي عنهما".

أما رفيف عبد الهادي -وهي موظفة حكومية- فلديها وجهة نظر تختلف عن سابقتها إذ تقول: "الإجازة النصفية أعدها مدة مهمة، فابنتي التي تبلغ سبع سنوات ألحقها ببعض دروس الرياضيات، وهي المادة التي تجد صعوبة بالغة فيها بواقع ثلاث ساعات أسبوعيًّا".

وتتابع الثلاثينية عبد الهادي لصحيفة "فلسطين": "سألحقها هذا العام أيضًا بنادٍ ترفيهي علمي يستمر أسبوعين بسعر مناسب لظروفنا، وفيه تحقق ابنتي الهدفين معًا: تعلم المنهاج فضلًا عن مهارات أخرى بأسلوب ترفيهي مشوق".

بعض الأمهات ربما لا تمتلك القدرة المالية لإلحاق أطفالها بمخيم شتوي، أو دروس لا صفية، أو ربما تجد لديها القدرة والمهارة لتدرس أطفالها، كرباب الحلو التي لديها أربعة أبناء، منهما اثنان في المرحلة الابتدائية تخصص يوميًّا ساعة من وقتها لتقويتهما في اللغة العربية قراءة وكتابة.

تقول الحلو (28 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "أعرف أن الأطفال يضيقون ذرعًا بتحويل الإجازة إلى مدرسة في البيت، لذا أشجع طفلَيّ على التعلم بشراء ألعاب أو حلويات يفضلونها، أو اصطحابهم في نزهة أو زيارة بيت جدهم".

"لا أرهقهم وإنما أعلمهم المهارات الأساسية لطريقة كتابة الأحرف والكلمات والإملاء أيضًا، وأحسن لديهم القدرة على القراءة وتهجئة الحروف باللغة العربية، لأن نقصان علاماتهم في جميع الاختبارات ألاحظ أنه ناتج عن عدم إتقانهم تهجئة وقراءة الحروف" تواصل حديثها.

تعليم وترفيه

بدورها تقول الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة: "انتهاء امتحانات نهاية الفصل الأول يمثل فرصة للطفل ليرجع إلى عالم اللعب والترفيه، وإزاحة هم كبير عن كاهل الآباء والأمهات الذين في الأوقات الأخيرة تحملوا ضغوطًا نفسية، وأكاديمية، واجتماعية، واقتصادية تتعلق بالإنفاق على الدروس الخصوصية وشراء ملازم المراجعة".

وتضيف السعايدة لصحيفة "فلسطين": "تأتي الإجازة النصفية لتكون فرصة عظيمة لاسترجاع الراحة، ولم شمل الأسر وتعزيز العلاقات الاجتماعية، وتنمية المواهب وفرصة لاستخلاص الدروس والعبر، ومعالجة نقاط الضعف الموجودة لدى أبنائهم وتعزيز نقاط القوة".

وتبين أن الأم النجيبة تسعى إلى استثمار تلك الأوقات أفضل استثمار ممكن، فتعدها فرصة عظيمة للتواصل مع الأبناء وإعطائهم الوقت الكافي للاستماع لهم، والوقوف على عالمهم الخاص من ناحية المواهب والقدرات والمشاكل والهموم، خاصة الأمهات العاملات اللاتي لا يجدن وقتًا للجلوس مع أبنائهن.

وتوضح السعايدة أن تنمية مواهب الطلبة مهمة، خاصة إذا كانت الأسرة ميسورة الحال فتشجع أبناءها على ممارسة هوياتهم وصقل قدراتهم، وهذا لا يعني أن تحرم الأسر المستورة أبناءها تلك الفرصة؛ ففي هذه الأوقات تنشط المخيمات الشتوية في المراكز والمؤسسات التي تعنى بتنشيط الأطفال، وتنفيذ أنشطة الدعم النفسي لهم وتكون الفرصة متاحة للجميع ومجانية.

وتشير إلى أن الإجازة النصفية تساعد على توطيد أواصر المحبة والتواصل بين العائلات: الأقارب، أو الجيران، أو الأصحاب، وهذا يخلق بيئة نفسية إيجابية للطفل، فتزيد من حصيلة تفاعله الاجتماعي وتعزز ثقته بنفسه وتغرس قيمًا فاضلة في الأبناء مثل صلة الأرحام، والتعاون، والعلاقات الإيجابية مع الناس، وفن التعامل مع الناس، وكل هذه الأمور تصنع شخصية طفل قوية.

وتلفت الاختصاصية النفسية إلى أنه يمكن خلال أيام الإجازة معرفة نقاط القوة والضعف عند الأبناء، ولا يمكن التغافل عن نقطة جوهرية، وهي أن المنهاج الدراسي تراكمي والخبرات العلمية تبنى تباعًا، ولذا ينبغي معالجة أي جوانب قصور لدى الابن في المنهاج الدراسي لتجنبها لاحقًا.

وتنصح السعايدة بتخصيص ساعة يوميًّا خلال أيام الإجازة لإلحاقه بدروس غير صفية، أو تقوية مهاراته الأساسية، وهذا لا يعني حرمان الطفل التمتع بإجازته بل التوازن بين متطلبات الإعداد الأكاديمي واحتياج الطفل للعب.

وتذكر أن بعض الأهالي يتبعون نمطين تجاه الإجازة: إما تترك الأم ابنها للشارع وبذلك تضيع الإجازة سدى، دون الاستفادة بأي جانب، وهذا ينشئ طفلًا متسيبًا، لا يبالي بأي اعتبار، ولا يسعى إلى أي هدف، ويكتسب سلوكيات فردية، أما النمط الآخر فتلزم أبناءها بأنظمة وقوانين صارمة ظنًّا أنها تعمل لمصلحته، وهذا يجعله آليًّا يستجيب للأوامر، ويخشى الإبداع والخروج عن سلطة الأبوين.