محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وافقت على فتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي ارتكبتها (إسرائيل) في فلسطين. المحكمة قالت إن كل المعايير التي يتطلبها فتح تحقيق رسمي متوافرة وموجودة، ولا يوجد أي عائق أمام فتح هذا التحقيق.
الأطراف الفلسطينية المختلفة، وفي مقدمتها السلطة رحبوا بهذا القرار، وعده صائب عريقات انتصارًا لسياسة محمود عباس، وعده القواسمي انتصارًا لسياسة حركة فتح، وهزيمة لحركة حماس، بالرغم أن حماس، والنائب الأول في المجلس التشريعي رحبوا بقرار المحكمة.
حين تحقق الدبلوماسية الفلسطينية نجاحًا متواضعًا في الساحة الدولية تنسبه فتح لنفسها، وينسبه قادتها لمحمود عباس شخصيًّا، وحين تفشل الدبلوماسية الفلسطينية في الساحة البرازيلية مثلًا تسكت جميع هذه الأطراف، ولا تعاتب محمود عباس، أو الخارجية الفلسطينية، وصدق من قال: الفشل ليس له أب، والفوز له آباء كثيرون.
أرحب بقرار المحكمة، وأقول البداية جيدة، ولكن ثمة قلق من النهاية، ومواصلة المحكمة لقرارها، وما يبعث على القلق هو الموقف الأميركي الرافض للقرار، والموقف الإسرائيلي الرافض له أيضًا، والذي يزعم بأنه لا ولاية للمحكمة الجنائية في هذه القضية، وفلسطين ليست دولة؟! جون بولتن مسؤول الأمن القومي السابق قال يجب رفض قرار المحكمة، ولا توجد حلول وسط؟! هذا يعني أن معركتنا داخل المحكمة بدأت في الساحة الدولية الأوسع من المحكمة، فهل تجد فلسطين من الكتلة العربية، وكتلة عدم الانحياز من يساعدها، ويقوي موقفها، وهل تدعم روسيا والصين توجهات محكمة الجنايات أم تقفان على الحياد؟!
يجدر بالسلطة، التي تحتفل بهذه الخطوة أن تضع لنفسها خطة عمل تواجه بها التحديات الأميركية الإسرائيلية، التي تستهدف منع المحكمة من استكمال عملية التحقيق، وربما كانت السلطة في حاجة إلى جمع تأييد دول قوية ونافذه، وإلى جمع بيانات موثقة عن الجرائم، وتقديمها للمحكمة، وربما كانت في حاجة إلى موقف مؤيد من مؤسسات حقوقية دولية، أدانت جرائم دولة الاحتلال.
نحن أمام بدايات جيدة، ولكن طريق المحكمة طويل، والنهايات تعتمد على قدرة الطرف الفلسطيني في مواصلة الطريق بعيدًا عن المقايضات السخيفة، وتعتمد على عملية خلق رأي عام دولي يؤيد قرار المحكمة، ويضيق المناورة على دولة الاحتلال، لا سيما في البعد القانوني الذي طرح خطوطه العريضة المستشار القانوني لدولة الاحتلال.