الأخوة الحقيقية هي ما كانت في الله ومن أجله (تعالى)، والإيمان والأخوة يؤثران في بعضهما البعض، فيقوى أحدهما بقوة الآخر، ورابطة الأخوة الإيمانية أقوى من أخوة النسب، بل إنّ الله (تعالى) نفى صفة الإيمان عن موالاة الكفّار وإن كانوا أقرب الأقربين، قال الله (تعالى): {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}، وقال رسول الله (صلَى الله عليه وسلّم): "من أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان"، ولا يمكن أن يكون للمؤمنين كيان وهم متخاصمون متنازعون منقسمون، ولذلك أمر الله (تعالى) بالصلح بينهم، فقال: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، ولذلك كان من أوائل ما فعله رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) عندما أراد أن يقيم دولة الإسلام في المدينة المنورة أن أصلح بين الأوس والخزرج وقد كان ينشب بينهم الاقتتال لعشرات السنوات، كما أنه آخى بين المهاجرين والأنصار.
ومن مظاهر الإخوة نشر المحبة والوئام والتعاون والتعاضد والمواساة بين المؤمنين، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، وقال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مُسلم كربة من كُرب الدنيا فرّج الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن ستر مُسلماً ستره الله يوم القيامة".
ومن نواقض الأخوة الحسد والبغضاء والتدابر والتخاصم، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين، والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أُنبئكم بما يثبت ذلك لكم، أفشوا السلام بينكم".
وثمار الأخوة عظيمة في الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: "ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه"، وقال: " إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله (تعالى)"، قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال: "هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس".