فلسطين أون لاين

القوي من يعترف بخطئه

...
نابلس-غزة/ أسماء صرصور:

التسامح ثقافة قد تكون غائبة عن بعض الناس، والسبب يعود لأساسات تربوية انغرست في الطفولة ونشأ معها الشخص ليغدو ذلك سلوكًا بشريًا معتمدًا لديه، وقد يتمسك الواحد منّا برأيه ولا يتنازل وقت الخلاف، معتدًا برأيه، وغير مقتنع أنه ربما يكون على خطأ أو جانبه الصواب ولو قليلًا.

لكن التسامح والتربية السلوكية للإنسان منذ نعومة أظفاره يكتسب أهمية قصوى، وفق الأستاذة في كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة النجاح فاتن أبو زعرور.

وتقول أبو زعرور لصحيفة "فلسطين": "نتحدث عن سلوكيات بشرية، والأمر تربوي بالأساس ما يعني ثقافة يتشربها المرء مذ  كان صغيرًا، وهي انعكاس عن من تربى المرء على يديه ليصقلوا مهاراته وسلوكياته ويتخذ مجموعة من المواقف".

وتوضح ذلك بمثال: "إن كنتَ مع أهلك ورأيتهم متسامحين في عدد من المواقف مع الجيران فعندها يصبح هذا جزءًا من المكون القيمي لشخصيتك، لكن إن رأيت الأهل يتنازعون مع الجيران وكثيري الخلاف معهم، عندها يكون لديك نموذج في التربية أن المشاكل تحل بالقوة والسيطرة".

وبسؤال الاختصاصية الاجتماعية: هل من الصواب أن يتنازل الإنسان وقت الخلافات؟ تجيب: "الصحيح أن يكون هناك تنازل لكن وفق حدود، فإن كان الشخص مخطئًا يجب أن يعترف بخطئه"، مبينة أن هذه قضية تربوية مهمة.

وتشير إلى أن الذي لا يستطيع التنازل أو الاعتذار إنسان ضعيف، ويختبئ وراء سلوكياته، فهو لا يستطيع أن يعترف بخطئه لأنه يخاف من انتقاد الآخرين ونظراتهم نتيجة اعترافه.

وتشدد الاختصاصية الاجتماعية على أن الاعتراف بالخطأ يحتاج إلى قوة وشخصية واثقة من ذاتها، ولديها وازع ديني قيمي ضميري لوضع الأمور في نصابها.

وتبين أن التسامح يمكن تعلمه بالتربية، فالبيت مثلاً فيه صراعات كشجارات الإخوة، لكن إدارة الأبوين لهذه الصراعات هي التي تعزز القيم التربوية المهمة في حياة الطفل، فإن علمته التسامح تعلمه، أو الاعتراف بالخطأ، كل هذه السلوكيات سيتعلمها الإنسان من هذه المواقف البسيطة في الطفولة.

وتلفت أبو زعرور إلى أن الأمر المهم هنا أن يكون المشاركون في عملية التربية حاملين لهذه القيم، الأبوان، المدرسون، المدرب في النادي، ...إلخ، لا بد أن يكونوا متسامحين، موضحة أن المهم هو حينما يخطئ هذا الكبير بحق الطفل، فلا بد أن يعتذر هذا المربي له، وهو بهذه الحالة يقدر ويعزز مفهوم الاعتذار، وغرس قيم التسامح في نفس الطفل.

وتلفت إلى أن من محاسن الأخلاق أن يفوّت الشخص بعض الهفوات والأخطاء للآخرين، ولا يقدر على ذلك إلا الإنسان الواثق من نفسه.

وتخلص أبو زعرور إلى أن هناك فهما خطأ وهو أن الإنسان عندما يعترف بخطئه أو يتنازل عن رأيه أنه إنسان ضعيف، مع أنه في الحقيقة هو القوي والشجاع، وهو الذي يتحمل مسئولية التراجع عن أخطائه، ولا يخاف من عواقبها، ويكون مرتاحًا ومطمئنًا، فالشجاع لا يختبئ وراء أخطائه بل يقف أمامها.