فلسطين أون لاين

لإشعارهما بالراحة النفسية والاستقرار

كيف ترعى والدَيْك عند عجزهما؟

...
غزة/ مريم الشوبكي:

تقع مسؤولية رعاية الوالدين في كبرهما –لا سيما حينما يعجزان عن خدمة نفسيهما- على الأبناء الذين يتجه بعضهم للتناوب على رعايتهما أسبوعيا في بيت الأسرة. وهناك آخرون يجدون في هذا الأمر مشقة بسبب مشاغل الحياة، فيتجهون إلى تقسيم رعايتهما كل أسبوع في بيت أحد الأبناء من الذكور والإناث.

وآخرون ممن أنعم الله عليهم بالمال يوكلون رعاية والديهما اليومية إلى ممرضين أو مساعدين، دون التخلي عن الوجود اليومي معهما، آراء متعددة نحو الطريقة الأفضل لرعاية الوالدين، ولكن أيها التي تضمن الراحة النفسية والجسمانية لهما؟

بين بيتهما وبيوتنا

داليا عاشور ربة منزل من مدينة غزة، ترى أن مسألة رعاية الوالدين تعود إلى تفاهم الأبناء وتقبل الوالدين لمغادرة بيتهما أسبوعيا للمبيت في بيت أحد أبنائهما الذكور والإناث.

تقول عاشور (50 عاما) لصحيفة "فلسطين": "أبي الذي توفاه الله منذ عامين أصيب بمرض أقعده في الفراش عاما ونصف العام، تناوبت مع أخواتي الإناث السبع على خدمته لصعوبة نقله أسبوعيا إلى بيوتنا، وأيضا أمي ما تزال على قيد الحياة، وأخي الوحيد مريض وزوجته موظفة، فليس لديها الوقت لرعايته بالشكل المطلوب".

وتضيف: "وبعد وفاته بقيت أمي وحدها في البيت، لصعوبة تنقلنا اليومي إلى بيتها لتقدم أعمارنا وترحيبها بزيارتنا لمدة أسبوع في بيت كل ابنة، وترحيب أزواجنا بها أيضا لم يشعرها يوما بأنها ضيف ثقيل على عوائلنا بل بالعكس تقضي أوقاتا ممتعة معنا لأنها تستمتع بلمّة الأبناء والأحفاد حولها".

لكن عائشة الحسنات التي تعمل في أحد المختبرات الطبية، ترفض الرأي الذي يفضل تنقل الوالدين بين بيوت أبنائهما أسبوعيا، لأنهما –من وجهة نظرها- سيشعران وكأنهما "عالة" على غيرهما، فلن يشعرا بالراحة النفسية ولو أنهما ليسا في بيت غريب عنهما.

وتقول الحسنات (44عاما) لصحيفة "فلسطين": "والدي مقعد يحتاج إلى رعاية يومية، لنا أخ وحيد مغترب، ونحن أربع إناث وجميعنا متزوجات وموظفات، لذا ارتأينا توفير ممرض يأتيه يوميا يقوم على رعايته ليلا ونهارا، دون أن ننقطع عنه فنتناوب بزيارته يوميا لإعداد الطعام له وتنظيف البيت".

وتتابع: "ربما البعض يلومنا على ذلك ولكننا نفعل ذلك نزولا عند رغبته برفضه التنقل بين بيوتنا لأنه لن يشعر براحة نفسية".

أما رائدة اسليم ربة منزل، تتحدث عن تقسيم الأدوار بينها وبين أخواتها الخمس في رعاية والدتهن المريضة التي تجاوزت 90 عاما: "والدتي ترفض مغادرة بيتها على الإطلاق، كما أنها كانت ترفض أن نطبخ لها، فكانت تتكئ على "الووكر" وتطبخ".

وتتابع اسليم: "يوميا تزورها ابنة من ساعات الصباح الأولى حتى الخامسة مساء، ثم يبيت معها أحد أبناء أخي الذي يسكن فوقها وتشاركنا زوجته يوما في الأسبوع لرعايتها مثلنا تماما".

في بيتهما أفضل

يقول رئيس مجلس إدارة مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات د.درداح الشاعر إن الأفضل رعاية الوالدين في كبرهما في مكان ثابت كبيتهما، على أن يتناوب الأبناء على خدمتهما يوميا".

ويضيف الشاعر لـصحيفة "فلسطين": "ليس لطيفا أن يتنقل الوالدان بين بيوت الأبناء، لأنهما سيفتقدان الاستقرار والطمأنينة، وسيشعران أنهما ليس لهما قيمة وأن حياتهما انتهت ولم يعد لهما مكان يشعران فيه بالأمان".

ويشير إلى أن الوالدين في بيتهما سيشعران بالأمن والاستقرار والطمأنينة وأنهما نقطة يتمحور حولها الجميع، وهذا سينعكس بالراحة النفسية عليهما، ولم ينقطعا عن الحياة، وأنهما استطاعا الاستثمار في رأس مالهما (الأبناء) وحصد ثمرة تربيتهما الصالحة.

ويحث الشاعر الأبناء الباقين الذين لم يأتِ دور رعايتهم لهما بعد، بزيارة والديهما يوميا، ومشاركتهما بقضاياهم ومشاكلهم حتى ولو لم يأخذوا بآرائهما ليشعرا أن الجميع ما زال بحاجة لهما ولنصائحهما وأن لهما قيمة في الحياة.

ويلفت إلى أن الإنسان وحدة نفسية جسمية، فالراحة النفسية تعمل على تحسن الحالة المرضية لدى الكبير في السن، والعناية به في مرضه، لذا فإن الحالة النفسية الرائعة ستشعره بالتخفيف من المرض، أما إذا ساءت ستتكالب عليه الأوجاع التي قد لا يكون لها سبب عضوي حقيقي.

وينصح د. الشاعر الأبناء بتقاسم أعباء رعاية والديهما بالوزن نفسه، لأن بر الوالدين هو الطريق إلى الجنة، كأنهم يخدمون أنفسهم، وليعلموا أن عدم البر بوالديهما خطير فعقوقهما يعد من الكبائر.

ويقول الشاعر إن رعاية الوالدين من الناحية الشرعية مفروضة على الأبناء الذكور وليس الإناث، فالابنة إذا كانت متزوجة أمرها في يد زوجها.

لكنه يذكر أن الإناث يمكنهن كسب البر ونيل الأجر برعاية والديهن، لأن النظر في وجوه الأبوين عبادة.