فلسطين أون لاين

تصور إسرائيلي للحديث المتباين بشأن التهدئة

بغض النظر عن طبيعة المباحثات التي شهدتها العاصمة المصرية بخصوص مستقبل الوضع في قطاع غزة، لكن المعطيات الإسرائيلية تتحدث عن توجهات إيجابية باتجاه التسوية مع حماس، باعتبارها تسير في المسار الإيجابي.

ورغم أنه ليس مطلوبا من الطرفين، حماس و(إسرائيل)، أن يعترف كل منهما بالآخر، لكن هناك إمكانية للتوصل لترتيبات معينة، وهو ما أعلنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من جهة، ورؤساء السلطات المحلية في مستوطنات غلاف غزة من جهة أخرى، لدى لقائهم الأخير مع قائد الجيش أفيف كوخافي.

لكن المنافس الأقوى لنتنياهو في حزب الليكود، غدعون ساعر، هاجمه بسبب مباحثات التسوية الجارية، لأنها ستسمح لحماس بالاستمرار ببناء قوتها العسكرية، وستكون التسوية خيارا خطأ على الصعيد الإستراتيجي، لأن هذه التسوية، وفقا لتحذير ساعر ومعارضين آخرين لها، ستجعلنا أمام نموذج قاسٍ لبناء حزب الله 2 في الجبهة الجنوبية في غزة، كما بُني سابقا حزب الله 1 في الجبهة الشمالية في لبنان، وحين تأتي المواجهة المفترضة في اللحظة المناسبة للفلسطينيين، فإن (إسرائيل) ستدفع ثمنا باهظا على هذا المسار.

مع العلم أن أوساطا إسرائيلية لا ترى أن ساعر ورفاقه مخطئون في تحذيراتهم، لأن حماس دأبت على استغلال كل فترات التهدئة بعيدة المدى للاستعداد للمعركة القادمة من خلال استخلاص الدروس والعبر، هذا حصل في حرب غزة الأولى 2008- 2009، حيث أدركت قيادة حماس العسكرية أنه لا بد من بناء منظومتها تحت الأرضية ممثلة بشبكة الأنفاق الكفيلة بصد أي اجتياح بري إسرائيلي في المواجهة القادمة.

وبعد حرب غزة الثالثة 2014، بدأت الحركة ببناء قوتها العسكرية على صعيد تطوير القذائف الصاروخية، وكيفية إطلاقها، بحيث لا تُطلَق قذيفة واحدة تسقطها القبة الحديدية، وإنما إطلاق عشرات القذائف دفعة واحدة، ما يصعب الأمر على القبة، والمنظومة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو خصيصا يدركان ذلك تماما.

رغم كل ذلك فإنه ليس هناك حتى اللحظة توجه إسرائيلي للإطاحة بسلطة حماس في غزة، ربما خشية من سيطرة منظمات صغيرة على القطاع، تأخذ به إلى مسارات الفوضى، بجانب الثمن الإنساني الباهظ الذي سيقع على عاتق (إسرائيل).

كل ذلك يجعل من التسوية مع حماس الخيار الافتراضي الواقعي لحكومة نتنياهو، مع أن التسوية معها ستكون لصالحها، وسترسخ من خلالها سلطتها في القطاع، مع العلم أنه حتى لو زعم نتنياهو أن التسوية لا تعني اعتراف (إسرائيل) بالحركة، لكن الواقع يقول عكس ذلك، لأنه يتحدث صراحة عن الاعتراف بها وبقيادتها أمرًا واقعًا.