فلسطين أون لاين

​خلافات الأزواج.. "ملح الحياة" وعلامة حب!

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

"الخلافات ملح الحياة".. هكذا يُقال، ذلك لأنها تعطي نكهة للحياة الزوجية، وهي أمر بديهي يحدث بين أي زوجين، وهذا لا ينفي أن اشتعال فتيلها بكثرة بينهما قد يهدم العلاقة، ويؤثر سلبا على الأبناء، ولكن في المقابل فإن اللامبالاة واتخاذ قرار بـ"تكبير الدماغ" من خلال تجنب الشجار ربما يجلب التعاسة أيضا..

تحرك المشاعر

"سجود أبو هاشم" قالت إن "المشاجرات شيء أساسي لا مفر منه في الحياة الزوجية، فهي تحرك المشاعر، ومعها يصارح كل طرف الآخر بما يجده فيه من أخطاء".

وأضافت أبو هاشم المتزوجة منذ عشر سنوات: "في حياتي لا أقتنع بجميع قرارات زوجي، بل أناقشه فيها، وأحيانا أضطر إلى الشجار معه لكي أنتزع منه موافقة على أمر ما يرفضه دون سبب مقنع، ولكن في النهاية نتصالح، وتعود المياه لمجاريها".

بلادة

أما "إسلام" حياتها الزوجية المستمرة منذ 15 عاما، جعلتها في حالة بلادة ولا مبالاة، وتحمل نفسها جزءًا من المسئولية عن هذه الحالة التي وصلت إليها، لأنها لم تكن تعترض على أي أمر أو قرار يمليه عليها زوجها.

وقالت "إسلام" لـ"فلسطين": "كنت أظن أن عدم معارضة زوجي في أي قرار، أو حتى مناقشته إذا رفض لي طلبًا كالتوجه إلى زيارة أهلي على سبيل المثال، هو استقرار في حياتي الزوجية، ولكن اكتشفت العكس، وعرفت أن الشجار وتبيان وجهة نظري وحقي في الأمر هو ما يجعل لي كيانًا وقيمة في نظر زوجي".

وأضافت: "تجنُب الشجار أو حتى الجدال مع الزوج، يجعل الزوجة منساقة تماما لأوامر زوجها، كنتيجة لمللها من المشاكل، فهي تتجنب التبعات السلبية للشجار بأن تفعل ما يمليه عليها، لأنها منكسرة نفسيا وفاقدة لمشاعر الاهتمام والحب تجاهه".

إذا لم تجدِ نفعًا

وفي ذات السياق، بينت الأخصائية النفسية إكرام السعايدة: "لا تخلو حياة من المشكلات والصعوبات، وخصوصا الحياة الزوجية، وهذا أمر طبيعي يحتاج من الشريكين للتحلي بالصبر، وإيجاد الحلول للخروج بأقل الخسائر ومعالجة الخلافات قبل أن تتفاقم".

وقالت السعايدة لـ"فلسطين": "الأخطر من وجود المشاكل هو عدم وجودها، فهناك شريحة من الأزواج لا تواجه المشاكل ولا تحدث المشاجرات بين أطرافها، بل يمضي كل طرف في سبيله ولا يعنيه أمر الآخر".

وأرجعت عدم الشجار بين الزوجين إلى عدة أسباب، منها: "حالة التبلد التي يصل إليها أحد الشركاء، فالقلوب إن كتمت طويلا تغيرت كثيرا، وإذا لم تجدِ المشاجرات نفعًا يستسلم الشريك ولا يعد يعنيه من أمر الآخر شيئًا".

وأشارت إلى أن البناء النفسي يتغير خلال المراحل العمرية المختلفة، وهو يحمل في طياته كل جوانب القوة والضعف حسب طبيعة التربية الأسرية والمدرسية والمجتمعية للفرد على مر سنين العمر، لذا قد يكون من أسباب عدم الخوض في أي شجار ضعف البناء الشخصي لأحد الزوجين أو كليهما.

وأوضحت الأخصائية النفسية أن "الشخصية الضعيفة تنزوي وتنكسر أمام المشاكل والصراعات، وخاصة في هذا الزمان الذي يرفع مستوى الضغوط التي تنهك كاهل الشخصيات القوية، فما بالنا بالشخصيات الضعيفة والتي اعتادت القول دائمًا (سمعًا وطاعة)".

ولفتت إلى أن الوصول إلى حالة "البلادة" قد ينتج عن قبول الزوجين بالاستمرار معا رغم عدم توافقهما لأسباب مختلفة، مثل عدم امتلاك الزوجة دخلا ماديا يشجعها على الاستقلال، أو الخوف على الأبناء من مشاكل الانفصال قد يجبر الزوجين على الاستمرار، أو خوفا من نظرة المجتمع بعد الطلاق، خاصة بالنسبة للمرأة، أو قد يرجع إلى اعتبارات عائلية إن كان الزوجان من الأقارب، وكذلك إن كان الزواج مبنيًا على مصالح مادية محضة.

ونوهت السعايدة إلى أن من أسباب غياب المشاجرات حالة الرتابة والملل في الحياة الزوجية، وغياب الثقة والاحترام، وانطفاء جذوة الحب بين الشريكين.

آثار عدم الشجار

إذا كان الشجار علامة حب وعامل تجديد للعلاقات، فما الآثار التي تنجم عن عدم وجود الشجار، أجابت السعايدة: "أن يكون الفرد مع شريك حياته تحت سقف واحد ولكن لا تربط بينهما سوى واجبات الحياة الزوجية وهو أمر بالغ الصعوبة على كلا الزوجين، وينتج عنه ألم نفسي يصيب كليهما إن لم يبُح أحدهما للآخر بهذا الأمر، وقد يكون نافذة للإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق".

وبيّنت السعايدة: "وقد يكون مقدمة للانفصال، والبداية تكون بالانفصال العاطفي لغياب وسيلة تواصل بين الطرفين، مما يؤدي إلى ازدياد الفجوة بينهما مع مرور الوقت، وعلى العكس تماما قد نجد طرفا يلجأ لطرق غير سليمة للتعبير عن انفعالاته، وبالتالي تزداد الأمور سوءًا وهذا بالطبع ينعكس على كافة مناحي الحياة، ولا سيما إن كان للزوجين أبناء".

ونصحت الزوجين بالتغلب على الملل والرتابة في الحياة الزوجية، وأن يستعد كلا الطرفين للتغيير والتنازل عن بعض الأمور لتوفير حالة من التوافق، واكتشاف إيجابيات الطرف الآخر، موضحة: "على الزوجين أن يخلقا لغة حوار فيما بينهما ليتناقشا في كافة أمور الحياة سواء في النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية أو فيما يخص تربية الأبناء وتوجيههم".

وأكدت السعايدة أنه يتعين على الزوجين السعي لتحقيق التواصل الجيد فيما بينهما، فلا يقابل طرف كلام الطرف الآخر بسوء الظن أو التجاهل واللامبالاة، واختيار الوقت المناسب لإيضاح الأمور التي يُساء فهمها، واختيار الألفاظ الإيجابية والأسلوب الهادئ في النقاش.