فلسطين أون لاين

الكنّة "متمردة" أم الحماة "تريدها نسخة عنها"؟

...
مريم الشوبكي

العلاقة بين الكنة والحماة قد تشوبها بعض التوترات والنزاعات بين ما تريده الأخيرة وتجده الأولى تدخلًا في حياتها، وبعض الحموات منذ تزويج ابنها تعمل جاهدة على أن تكون كنتها نسخة طبق الأصل عنها، تجيبها بـ"حاضر" ملبية طلباتها، و"معك حق" مؤكدة كلامها.

لكن بعض الكنائن يرفضن أن يكن تحت سلطة حمواتهن، فتتحول العلاقة بينهما إلى علاقة عناد و"مجاكرة"، لأن الكنة تريد أن تكون مستقلة في حياتها وتربي أبناءها كيفما تشاء، وتعيش حياتها بالطريقة التي تراها مناسبة، وهنا ربما تصفها الحماة بالمتمردة.

نجلاء (25 عامًا) متزوجة منذ خمس سنوات، ولديها طفلان، منذ اليوم الأول لزوجها انقلبت حياتها جحيمًا، بسبب تدخلات وأوامر حماتها التي لا تنتهي؛ فهي تزوجت "بكر" والدته.

تقول نجلاء في دردشة مع صحيفة "فلسطين": "زوجي هو أكبر إخوته، وكانت والدته معتمدة عليه في مصاريف البيت، وعنده كل طلباتها مجابة، فحينما تزوجت كانت تملي علي ما أفعل، ولا تريدني الارتياح في بيتي، بل ترغمني على ملازمة بيتها حتى ساعة متأخرة من الليل".

"كنت خاضعة تمامًا لها، ورغبة مني في عدم التصادم معها كنت أنفذ ما تطلبه مني، ووصل بها الأمر إلى أن تأمرني بترك أمور تعودتها عند أهلي، قائلة: "انسي حياتك عند أهلك"، تريدني أن أكون نسخة عنها، تأمر هي وأنفذ أنا" تضيف نجلاء.

لكنها تتابع: "فاض بي الكيل وحردت أكثر من مرة ولكن دون جدوى، كنت أبكي بحرقة لزوجي وأترجاه لينصفني ولكنه يرد: "إمي إيش بدي أعمل؟!"، حتى تعودت رويدًا رويدًا على حياتها، وبدأت أتغاضى وأتنازل عن أمور كثيرة حتى أعيش".

الطريق من قصيرها

أما وجدان فأخذت الطريق من "قصيرها" ووضعت "النقاط" على الحروف من بداية حياتها الزوجية، إذ فطنت لحيل حماتها التي كانت تريد السيطرة عليها وتملي عليها ما تريده.

في حديث إلى صحيفة "فلسطين" تقول وجدان: "حماتي شخصيتها قوية، وفي كلامها تحاول أن تظهر أنها خبيرة بكل شيء، وما أتحدث به خطأ، واستمرت على هذا الحال حتى رزقت أول طفل، فكانت تتدخل في طريقة تربيته أيضًا؛ فكنت أظهر أنني موافقة على ما تقوله وفي غيابها أفعل ما أريد".

وتضيف: "بكيت كثيرًا وغضبت وتشاجرت مع زوجي بسببها، ولكن في النهاية لا يستطيع هو إغضاب أمه ويحاول أن يرضيني، لذا أصبحت أقلل من زيارتها التي كانت يومية حتى أخفف المشاكل".

من جهته يقول رئيس قسم الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب: "السياق الطبيعي أن الشخصية الإنسانية تختلف من فرد إلى آخر، كل شخص له فلسفته الخاصة ومعتقداته ونمطه في الحياة، حتى الآراء تختلف".

ويضيف أبو ركاب لصحيفة "فلسطين": "كبر سن الحماة، واختلاف الجيل مع كنتها وأفكارها وعاداتها، يعمقان الخلاف بينهما".

ويتابع: "درجة الوعي عند الحماة وكنتها تحكم العلاقة بينهما، بعض الحموات تتبع أسلوب الأوامر والنواهي غيرة من زوجة ابنها، إذ ترى أنها أخذته منها، وتبدأ تكيد المكائد لها، أو تتدخل في شئون حياتها بداية من إعداد الطعام والشراب وتنظيف البيت، وتربية الأطفال، لتصل إلى حد التدخل بأمور تتعلق بخصوصيات الحياة الزوجية، وهذا الأمر مزعجًا للكنة".

ويبين أبو ركاب أن بعض النسوة قد يجارين حمواتهن ويسايرنهن، ويلبين طلباتهن حتى يتجنبن المشاكل، وعلى النقيض تلجأ بعضهن إلى الكيد والعناد ويخسرن العلاقة مع حمواتهن، وقد تتطور المشاكل وتنتقل إلى الزوجين، ما يزيد الأمور تعقيدًا.

ولمنع الصدام بين الكنة والحماة، يشير إلى أن ذلك يرتبط في الأساس بدرجة الوعي والنضج عند الزوجة نفسها، وحينما تصطدم بعقلية حماة متسلطة لا تفهم إلا إلقاء الأوامر والنواهي، عليها أن تتمتع بشخصية راقية وواعية تحتضن المشكلات وتديرها، تبحث عما يرضي حماتها.

ويلفت أبو ركاب إلى أن الفجوة بين الابن ووالدته ستشعرها بالتوتر والقلق، لذا يجب أن يبقي الابن تواصله مع أمه كما هو، حتى لا تشعر بأن شخصًا آخر يستحوذ على حياة ابنها.

ويذكر أن الزوجة الذكية تعرف ما يرضي حماتها ولا يضر علاقتها بزوجها، حتى لو كانت مخالفة لفكرتها عليها أن تتنازل لاستمرار الحياة.

وعند تدخل الحماة في تربية أطفال ابنها، أو محاسبة كنتها عند الخروج من المنزل، ينصح أبو ركاب الزوجة بالتحدث إلى حماتها بالأسلوب المباشر، أو غير المباشر من طريق طرف ثقة ليقدم النصيحة لحماتها، وعليها أن تعترض بأسلوب راق، وأن تطرح فكرتها ورأيها من طريق الزوج، وأن توازن في العلاقة بين عادات أهلها وعادات أهل زوجها.

ويختم حديثه: "الفكرة المشوهة لدى الحماة عن الكنة تدفعها إلى إحداث المشاكل، وهناك عامل آخر تدخلات الآخرين لتخريب العلاقة بينهما، وضعف دور الزوج الذي من واجبه أن يحدث توازنًا بين طاعة والديه وإكرام زوجته".