فلسطين أون لاين

"حدّ السيف" تكشف قوة الجدار الأمني للمقاومة الفلسطينية

...
غزة/ محمد أبو شحمة:

لم يعد اختراق المنظومة الأمنية للمقاومة الفلسطينية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يملك أفضل وأقوى الإمكانيات المختلفة، أمرًا سهلاً مع تنامي وتراكم خبرات المقاومة على مدار السنوات الماضية، مطورة لأدواتها ومستفيدة من أخطائها في الوقت نفسه.

وطوال تلك السنوات عملت المقاومة على تحصين نفسها أمنيًّا بإحداث طرق جديدة للتواصل فيما بينها، مع إدراكها امتلاك أجهزة الاحتلال العسكرية والأمنية قدرات استخباراتية وتقنية تؤهلها للوصول إلى المعلومات التي تتناقلها بين أفرادها في الميدان في حال اعتمدت على البنية التحتية الرسمية.

وقد دفع ذلك بأجهزة الاحتلال الأمنية إلى المضي بطرق عديدة لاختراق منظومة المقاومة الأمنية بوصفها عملا إستراتيجيا أعاق قدرة الاحتلال الاستخبارية على كشف خطط المقاومة، بدأت بتجنيد العملاء، ولاحقًا بزرع أجهزة تنصت عبر تمرير أدوات يحتاجها عناصر المقاومة، وأخرى بإرسال فرق عسكرية خاصة إلى الأرض لزرع منظمة تجسس كاملة للسيطرة على شبكة الاتصالات.

وبثت قناة "الجزيرة" مساء الأحد الماضي، تحقيقًا جديدًا من برنامج "ما خفي أعظم" عرضت فيه تفاصيل فشل وحدة "سيريت متكال" الإسرائيلية الخاصة في السيطرة على منظومة اتصالات القسام التي تصدت لها في عملية عسكرية عرفت باسم "حد السيف".

في هذا السياق، يوضح المختص في الشؤون الأمنية د. هشام المغاري، أن سلطات الاحتلال استخدمت ولا تزال العملاء المحليين لتنفيذ مهماتها الأمنية بالحصول على معلومات أو الإسهام في زرع مجسات إلكترونية في مناطق معينة، ولكن إدخال وتركيب منظومة تقنية على درجة عالية من التطور يعد عملًا حساسًا يتطلب قدرات عالية من مهندسين وأفراد متخصصين.

ويقول المغاري لصحيفة "فلسطين": عملاء الاحتلال لا يستطيعون تنفيذ هذا النوع من المهام التكنولوجية الأمنية، لذلك لجأ جيش الاحتلال إلى إرسال وحدة خاصة من نخبة قواته إلى قطاع غزة.

عزا المغاري، مغامرة جيش الاحتلال بوحدة "سيريت متكال" إلى عمق قطاع غزة إلى فقدان أجهزة أمن الاحتلال للمعلومات الأمنية التي تمكنها من إعادة توجيه سلوك المقاومة أو إعاقة خططها الدفاعية والهجومية، لافتًا إلى أن إدراك الاحتلال لقوة شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة، واحتوائها الكثير من التفاصيل الهامة، جعله يحرص دائمًا على اختراقها والوصول إليها بجميع السبل.

جدار صلب

ويضع الخبير في الشؤون الأمنية سببًا آخر لمجازفة جيش الاحتلال بواحدة من أهم قوات النخبة، وهو عدم ثقته بالعملاء المحليين لتنفيذ مهام تقنية حساسة، وإمكانية اعتقالهم من قبل المقاومة، وكذلك خشية سيطرتها على منظومة التجسس وهذا يعني حصول المقاومة على تقنية لا يجب أن تمتلكها.

ويشير المغاري كذلك إلى أن الاحتلال يخشى في مثل هذه الحالات من توظيف المقاومة للعملاء تحت مسمى "عميل مزدوج"، مؤكدًا أن أكثر ما يميز المقاومة الفلسطينية هو استفادتها من الأخطاء وتحليلها والبناء عليها، بوضع الحلول وأخذ الاحتياطات اللازمة، خاصة بعد حصولهم على المعدات الاستخباراتية التقنية الإسرائيلية التي تركتها القوات الخاصة في خان يونس".

في حين يرى الخبير العسكري يوسف الشرقاوي، أن المقاومة في قطاع غزة باتت تسيطر جميع ثغرات أمنية قوية يحاول جيش الاحتلال الاستفادة بتوظيف الإمكانيات البشرية أو التقنية.

ويؤكد الشرقاوي لـ"فلسطين"، أن كشف كتائب القسام لوحدة "سيريت متكال" وقتل قائدها وإصابة نائبه "يعد إنجازًا كبيرًا للمقاومة ويجعل جدارها الأمني أكثر صلابة ويعطي دلالة بأن اختراقه ليس سهلًا، فهناك عقول تفكر، وتعمل على صد وتحييد أي محاولة للتصنت على غرف عمليات القيادة، عند التواصل مع المقاتلين على الأرض".