يتحدثون عن قائمة وطنية مشتركة، قاعدتها المشاركة لا المغالبة. إن صحّ هذا في نسبته إلى محمود عباس، فهو اقتراح جدير بالدراسة والتطوير، وهو اقتراح مستمد من فكر الإخوان السياسي، ولكن على قاعدة تفاهمات وطنية مشتركة من عدة عناصر:
الأول: أن يكون الهدف هو تحرير الأرض، وإزالة المستوطنات، باستخدام جميع الخيارات الممكنة التي تساعد على الوصول إلى هذا الهدف من أقصر طريق، وأقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم، الذي سلكته حركات التحرر العربية والعالمية في عصرنا الحديث.
الثاني: أن يكون التخلص من أعباء اتفاقية أوسلو هدفا مشتركا للقائمة الوطنية، لأن الاتفاقية لم تحظ اولا بموافقة الشعب وفصائله، وثانيا لأنها فشلت في تحقيق الحدّ الأدنى من المصالح الوطنية الفلسطينية، بل أعطت فرصة لدولة العدو لأن تدعي أنها صاحبة الأرض تاريخيا، ومن ثمة زادت وتيرة الاستيطان أضعافا مضاعفة، وضمت القدس واتخذتها عاصمة، وهي تسير باتجاه ضم الأغوار، وإنهاء وكالة الأونروا، وإفقار الشعب الفلسطيني وحصاره.
ثم هناك إجماع علمي وسياسي ممن تناولوا أوسلو بالدراسة والتحليل، أنها اتفاقية تجحف بالحقوق الفلسطينية، وتعطي المحتل امتيازات ما كان يمكن له أن يأخذها بهذا الشكل في ظل المقاومة الفلسطينية التي كانت قبل الاتفاقية، وبسبب هذه الاتفاقية أسمى الباحثون الاحتلال الإسرائيلي بعد الاتفاقية ( بالديلوكس)، لأنه لم يعد احتلالا مكلفا على الصعيد البشري والمالي؟!
ثالثا: أنتم الأمراء، ونحن الوزراء، وهي قاعدة شراكة التقى عندها الصالحون، فهل يمكن تجديد الصلاح، والالتقاء على شراكة تأخذ فيها فتح الرئاسة، وتأخذ حماس الحكومة، مع شراكة حقيقية لبقية الفصائل، للعمل معا في برنامج سياسي أوسع تفصيلا بحيث تقوده القواعد الثلاثة المذكورة آنفا.
القائمة الوطنية قد تكون استحقاقا جيدا في معركة التحرير، ولكن هذه القاعدة يجب أن تكون حقيقية، لا شكلية، وأن تستهدف غاية التحرير، وألا تكون مجرد مطلب لنحمل للأوروبيين وغيرهم شكلا من أشكال الوحدة الوطنية، للتعامل مع شرعية تمثيلية متفق عليها، وفق سياسات قديمة ثبت عجزها وفشلها.
القائمة الوطنية، يجدر أن تحمل رؤية وطنية مشتركة، مستمدة من برامج الفصائل، ومعطيات الواقع والتطورات، ولا يجب أن تخضع لماض أثبت عجزه وفشله، ولا لرؤية فردية تسفه رؤى الآخرين، وإن أي انتخابات أخرى بقوائم متنافسة، جديرة بأن تستهدف هذه المعاني، وأي ائتلاف بعد ذلك يجدر به أن يحمل هذه المعاني. إن تطبيق نظرية المشاركة لا المغالبة يجب أن تطبقه جميع فصائل الشعب، وألّا تكون فكرة خداع ومناورة. أنا أتناول هذه القضية من رؤية شخصية تؤمن بحكومة وطنية، وشراكة في القرار الوطني، وآمل أن أجد إثراء من الآخرين للمفاهيم المشتركة، في مرحلة التحرر الوطني.