فلسطين أون لاين

مهن المرأة.. هل يحدِّدها المجتمع؟

...
صفاء عاشور

لطالما كان عمل المرأة وخروجها من المنزل محل اختلاف بين كثير من فئات المجتمع، ورغم التطور التكنولوجي الواسع والانفتاح الكبير فيما يتعلق بمجالات عمل النساء فإن بعض القيود لا تزال موجودة سواء من المرأة ذاتها أو من بعض الرجال.

لكن ما المجالات المناسبة للمرأة للعمل؟ وما معايير توجه النساء لمهن معينة؟

آمنة محمد أرملة لديها ثلاثة أبناء: فتاتان وولد، توفي زوجها وباتت دون أي معيل باستثناء بعض المخصصات الاجتماعية، التي لا تكفيهم، لذلك لجأت إلى التفكير بالخروج إلى سوق العمل والبحث عن وظيفة ما.

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، توضح أنه نظراً لعدم إكمال تعليمها الجامعي توجهت لإحدى الجمعيات الخيرية للالتحاق بدورة مجانية في تصنيع الحلويات والمعجنات، لافتةً إلى أن الدورة لم تأخذ من وقتها الكثير ولكنها اكتسبت مهارات عديدة.

ومن خلال الدورة تعلمت مهارات تصنيع الحلويات والمعجنات وتسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما حصل بعد انتهائها، وهي الآن بعد عامين من العمل بات لمنتجاتها زبائن يطلبون إعداد كل ما يشتهون من أصناف الطعام، كما أن عملها وفر لها دخلا ماديا جيدا يكفيها هي وأبناءها.

تقول: "أجمل ما في العمل هو أنه من البيت ولا يحتاج إلى الخروج إلا عند توصيل الطلبات وبالتالي أبقى بجوار أطفالي ولا أبتعد عنهم خاصة أن معظمهم لا يزالون في المرحلة الابتدائية والإعدادية".

مصورة محترفة

ميساء عوض فتاة تهوى كل ما يتعلق بالتصوير، إلا أنها وجدت بعض الاعتراض من ذويها لاعتقادهم أن التصوير مهنة خاصة بالذكور ولا تصلح للفتيات للعمل فيها.

إلا أن ميساء صممت على موقفها وكان لتجارب فتيات سابقات نجحن في خوض غمار هذا المجال فرصة لإقناع ذويها أو إجبارهم على الخضوع لرغبتها في دراسة هذا التخصص والتي أبدعت به منذ بداية دراستها به.

"دراستي للتصوير كان بسبب عشقي الكبير لها وهو ما انعكس على اهتمامي بتعلم كل ما يتعلق بها وهو ما لاحظه المدرسين في الكلية، ومنذ البداية وأنا اسمع الكلام التشجيعي بأني سأكون الأولى على الدفعة"؛ تقول ميساء لصحيفة "فلسطين".

وتضيف: "تفوقي في المساقات التي أدرسها دفع بعض الأساتذة لترشيحي للعمل في أحد الأماكن التي تحتاج إلى مصورات"، مؤكدةً أن الفتيات يعرفن كيف يعملن بمهنة التصوير دون أن يُخللن بمبادئهن، أو العادات والتقاليد التي تربين عليها.

وتنبه إلى أن وجود مصورات يعني مزيد من الشعور بالأمان بين مثيلاتهن من الفتيات اللواتي سيرتحن بالتصوير في مناسبتهن الخاصة دون أي قيود أو احراجات إذا كان المصور ذكراً.

عمل حر

أما وفاء عادل فوجدت في العمل على مواقع الانترنت فرصتها من أجل تحقيق مكسب خاص بها دون أن يعترض أحد على عملها، فهي ليست محتاجة للخروج من المنزل، كما أنها لا تحب أن تتعب نفسها بالعمل عند أحد.

وتقول في حديث مع صحيفة "فلسطين":" العمل الحر مجال واسع وأصبح من السهل على أي فتاة أن تأخذ دورة فيها لتتقن مهارة معينة تستهويها وتحبها ومن ثم الحصول على فرصة للعمل عبر الانترنت دون أن تخرج من منزلها".

ومجالات العمل عبر الانترنت فرصة للفتاة –كما تقول- لتأمين مصدر دخل خاص بها سواء كانت متزوجة أو لا وفي الحالتين، فإن الأهل لا يستطيعون الاعتراض عليه طالما أن العمل لا يتجاوز الخطوط الحمر التي يضعها المجتمع على عمل الفتاة في بعض المهن.

في السياق تعتقد فايزة غسان المعلمة في إحدى المدارس الحكومية في مدينة غزة أن المجتمع فرض على المرأة وظائف معينة تصلح لها مثل التدريس، التمريض، العمل في مجال التطريز والحياكة وغيرها من الوظائف المرتبطة بالمرأة.

وتشير في حديث مع صحيفة "فلسطين" أن هذا العرف جعل الكثير من الفتيات يسرن مع التيار دون محاولة منهن للاعتراض ليكون عملهن في نفس القالب الذي فرضه المجتمع عليهن وذلك حتى لا تكون النتيجة الحرمان من الزواج أو اعتبارها خارجة عن حدود المجتمع.

وتكمل: "لا ننكر أهمية وجود المرأة في سوق العمل في قطاعات معينة كالتدريس ويجب أن يترافق مع ذلك ألا تكون هناك أي قيود أمام وظائف أخرى"، لافتة إلى أنها تشجع أي فتاة تحب أن تدرس تخصصات جديدة تطرح في الجامعات والكليات.

ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ترأس النساء في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي 11% من الأسر، بواقع 12% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة، وذلك بناءً على بيانات القوى العاملة للعام 2018.

وتظهر معطيات الجهاز نفسه، أنه رغم ارتفاع مشاركة النساء في القوى العاملة خلال السنوات السابقة ولكنها لا تزال منخفضة جداً مقارنة مع الرجال، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 21% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2018 مقابل 10% في العام 2001، وبلغت نسبة مشاركة الرجال 72% للعام 2018.  مع وجود فجوة واضحة في معدل الأجر اليومي بين النساء والرجال إذ بلغ معدل الأجر اليومي للنساء 92 شيقل مقابل 129 شيقل للرجال.

وبلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 51% في العام 2018 مقابل 25% بين الرجال، وتصل معدلات البطالة بين النساء الحاصلات على 13 سنة دراسية فأكثر إلى 54%.