بعد مماطلة استمرت سنوات وبعد عدم الوفاء لوعود الإضراب السابق وبعد استنفاد كل الجهود والطاقات للوصول الى حلّ وانسداد الأفق قرر المضربون الاضراب عن شرب الماء وهذا يضعهم أمام خطورة قصوى وينذر بما لا يحمد عقباه ، وهذه الخطوة تقصّر الطريق : طريق الشهادة أو طريق الحلّ . وهذا يضعنا أمام سيناريوهين لا ثالث لهما :
- السيناريو الاول وهو الافضل لكل الاطراف وهو أن تستجيب السلطة باعادة دفع رواتب هؤلاء الاسرى وأن تفعّل القانون سواسية دون أي تفريق أو تمييز وهذا يصبّ في صالحها أولا لان في ذلك العدل واستقرار الميزان ثم كذلك لا تضع نفسها في هذا الموقف الذي يقال فيه ما يقال .
- السيناريو الثاني على العكس تماما وهو أن تصرّ السلطة على موقفها وفي هذا ضرر كبير على السلطة أوّلا من حيث ظهورها بأنها تميّز بين اسير واسير وأنها تتعامل مع الاسرى على خلفيات فصائلية ، وفي هذا ضرر كبير على الوضع العام الفلسطيني, لو استشهد أحد هؤلاء الاسرى المضربين ، كيف تكون ردّة الفعل وكيف ينعكس هذا على مصير الوضع الداخلي الفلسطيني الهش بطبيعة الحال . فهل يحتمل شهادة أسير قضى من عمره نصفه يزيد قليلا او يقل في سجون الاحتلال وذاق الويلات هناك ليأتي فيذوق ويلات من نوع آخر وبأيدينا ؟
هنا وحتى لا تتدحرج الامور أكثر من هذا وحتى لا نُفجع بسماع خبر له ما بعده على ساحة لم تعد تحتمل المزيد لا بد من تدخل شخصيات وازنة تسعى للحلّ ، وهنا أتساءل ماذا تفعل الهيئة الوطنية والاسلامية العليا ، لماذا لا تتدخل سريعا وتحاول الحل ومع الجهات المختصة، رام الله متخمة بالقيادات الوازنة من كل الفصائل ومستقلين لماذا لا يتدّخلون ؟
الاصل أن تحل مثل هذه الامور سريعا وأن تجد من وسطاء الخير من يفتح قناة للتفاوض والوصول الى الحل المشرّف للجميع . لماذا يطول الحل عندنا حتى على الامور الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ؟ أقول لنتحرك سريعا قبل فوات الاوان وقبل أن نفقد لا سمح الله أحد هؤلاء الاحرار الذين دفعوا كثيرا وأكثر بكثير مما يطالبون به .