خبران: أحدهما حول نتنياهو، والآخر حول انتفاضة الغضب. أما الخبر الأول فيقول نتنياهو لن يرتكب حماقة أولمرت ويستقيل كما استقال؟! الثاني كان مخطئًا لأنه أسلم رقبته للسجن، والأول لا يريد الذهاب إلى السجن، لذا فلن يستقيل، وسيقاوم عملية إقالته، سواء من رئاسة الحزب، أو من رئاسة الوزراء، وسيترشح عن الليكود إذا ذهبت الأحزاب إلى انتخابات ثالثة في مارس القادم.
نتنياهو المتمسك بكرسي رئاسة الوزراء والحزب، من أصول سودانية كما تتحدث بعض الوثائق، فهو من مدينة (حالوف) السودانية، وجين التمسك بالكرسي يسكن كيانه كما يسكن كيان كل الرؤساء العرب؟! فللبيئة قوة الوراثة أو أكثر. وعليه فإن تمسكه بالكرسي أمر فطري، وطبيعي، وبيئي، ولن يقلد أولمرت، ولا الأوروبيين، وعلى خصومه أن يلجموا أمانيهم وتوقعاتهم. نتنياهو هذا لن يتردد في الذهاب إلى حرب إذا كانت تساعده على البقاء، ولأنه لا يستطيع عملها مع شعبه باسم الإرهاب كما يصنع الزعماء العرب، فإنه سيصنعها مع الفلسطينيين، أو الإيرانيين، ومن ثم يمكن القول بأن التحركات العسكرية القيادية الأخيرة تشير لشيء غير طبيعي.
وأما الثاني، وهو انتفاضة الغضب، التي يخرج فيها الشعب الفلسطيني غدا في الضفة وغزة معا للاحتجاج على قرار أميركا بتشريع المستوطنات اليهودية في الضفة والقدس، فهو أول حدث يترجم الكلام الرافض للمستوطنات، إلى فعل شعبي جماهيري رافض لأميركا وللمستوطنات، وهذه بداية جيدة، ولكنها لا تكفي، إذ لا بدّ من أفعال أخرى يجدر القيام بها ضد المستوطنات من ناحية، وضد قرار أميركا من ناحية ثانية.
أما ضد المستوطنات فيجدر إطلاق يد الشعب للاحتكاك بالمستوطنين، وإقلاق راحتهم ونومهم، ولو من خلال قنابل الصوت، ومكبرات الصوت، والبالونات الحارقة كما يحدث في غزة، وعدم الوقوف عند التظاهر السلبي. وأما على مستوى المواجهة مع أميركا فيجدر تفعيل نشاط عالمي جيد لإدانة أميركا، وتطوير وثيقة أعضاء الكونجرس الرافضة لقرار بومبيو، ويمكن للفصائل أن تعقد مؤتمرا شعبيا جامعا رافضا للمواقف الأميركية المنحازة، ومناشدة الشعوب العربية لأعمال مثيلة.
في (إسرائيل) من يسعى لإنقاذ نتنياهو، وربما تمد له أنظمة عربية طوق نجاة، وفي الدول العربية من يهاجم أميركا شكلا لقرارها الأخير، ولكنه لا يضغط بضرورة تجاوز قرار بومبيو. لذا فإن البيئة القائمة تزيد من تعقيدات العمل الفلسطيني، ولكن عليه أن يشق طريقا عمليا للمواجهة بدون تردد، والانتفاضة هذه بداية.