نتفوه في حياتنا اليومية بعبارات "لا أستحق ما جرى لي"، "لماذا أنا يا رب!"، ونجهل تأثيرها الخطير على علاقة طفلنا بربه، نستهين بأنه ما زال صغيرا ولا يعقل لما يقال لبساطة تفكيره، وإدراك معانيها التي فيها اعتراض على قضاء الله وقدره.
ربما في لحظة عصبية أو موقف صادم يتحدث البعض بمثل تلك العبارات، والتي لها تأثير على الطفل ومفهوم العدالة الربانية الصحيح التي يجب أن يغرسها الوالدان في أطفالهم منذ الطفولة، المستشارة الأسرية ليلى أبو عيشة تتحدث عن تلك الآثار السلبية:
تقول أبو عيشة : " يتلفظ الوالدان ببعض العبارات أمام أطفالهم ظنا منهما أنهم ينسونها، كأن يكذبوا أمامهم رغم أن الكذب هو لفظ ولكن في النهاية مسلك يسلكه الوالدان وينسون أن الطفل يرى ويسمع ويكتسب السلوك ويطبقه على صعيده الشخصي".
سلوكيات الأهل يكتسبها الطفل وينشأ عليها، تضرب أبو عيشة مثالاً كأن يسأل الطفل أين الشكولاتة تجيب الأم أكلها ملاك جوعان، هنا يحدث تضاد في المفاهيم لأن الطفل حينما يكبر وسيعرف في المدرسة أن الملائكة لا تأكل ولا تشرب، وينصدم حينما يعرف الحقيقة.
وتتابع : " في موقف عصبي تصدر من الأم عبارة أنا لا أستحق ما يصير لي، هذه العبارة خطيرة، تكون عكس مفهوم العدالة الربانية التي يجب أن نغرسها في نفس الطفل، بأن الله عادل يوزع الأرزاق بالتساوي بين الناس، أن البعض لديهم زيادة في المال في المقابل آخرون لديهم زيادة في الأولاد، وهؤلاء لديهم زيادة في راحة البال".
وتبين أبو عيشة أن الهندسة الربانية وضعها الله بأن لكل انسان بما يتناسب مع منهجيته وبما يليق بمسير حياته.
وتوضح بأن الإجابة على أسئلة الطفل يجب أن تتناسب مع تفكيرهم، لزرع الرضا النفسي عن الطفل، حتى يصل لمرحلة الصحة النفسية، الرضا يأتي بما قدره الله لهم من قدرات وامكانيات، والخلق الجميل الذي خلق به، وحدوده المالية، وعلاقاته الاجتماعية.
أغلبنا حينما يريد أن يخيف طفله ويمنعه من فعل سلوك خاطئ يردعه "الله بحطك بالنار"، تنصح أبو عيشة الوالدين أن يتحدثا مع طفلهما بما يتناسب مع المرحلة العمرية التي يمر بها، فالطفل تجاربه في الحياة بسيطة، وتضخيم الأمور يصيبه بالهلع والخوف.
وتذكر موقفا لسيدة جاءت تشتكي لها من خوف طفلها المفاجئ : " بعد حديث الأم التي كانت تحدث طفلها بأن جميع المقربين منهم سيموتون، وبعدها أصيب الطفل بالهلع، لأن الطفل يستوعب حقيقة الوجود فقط، ومفهوم الموت لم تتدرج الأم بإخبار طفلها عنه بما يتناسب مع مرحلته العمرية".
من لم يسمع بمثل "الحيطان إلها ودان"، تبين أبو عيشة أن الطفل يجب زرع الرقابة الذاتية بداخله لتردعه عن السلوكيات الخاطئة، من خلال تعريفه بأن على كتفيه ملكين يسجلون الحسنات والسيئات وما يضم منهما، وأن الله يضاعف له حسناته.
وتؤكد أن محاورة الطفل يجب أن تكون بالمنطق، ولا يمكن استغفاله، لأن الطفل يسجل كل أمر ولا ينسى، لذا يجب أن يكون الوالدان قدوة صالحة له، مع كبح جماح انفعالاتهما السلبية لأنها ستؤثر على نشأته.
ختمت أبو عيشة بنصيحة للوالدين بترك المجال للأبناء بالحديث والحوار بما يتناسب مع عمرهم.