فلسطين أون لاين

تقرير فراغ وقيم غائبة تدفع مراهقين "للهوس" بمشاهير

...
غزة/ مريم الشوبكي:

"غالية" فتاة (19 عامًا) تشكو أمها من أنها تعيش في وهم الارتباط بأحد المشاهير العالميين، وتنام وتفيق على هذا الحال، حتى أصبحت لا تقبل أي شخص يتقدم لخطبتها، لأنها لا ترى صفاته مشابهة لتلك التي يمتلكها من تهتم به.

تقول الأم التي فضلت عدم كشف هويتها، إن جدران غرفة ابنتها مكسوة بصور ذلك المشهور، وهي تحفظ كلماته، وتتبع تفاصيل حياته اليومية، مبينة أنها لا تعرف كيف تخلصها من وهم لن يتحقق ولو بعد 100 سنة.

لكن قد لا تتعلق هذه المشكلة بغالية وحدها، فقد تعانيها أمهات أخريات، وحينئذٍ يطرح السؤال نفسه: ما الحل؟

الاختصاصي النفسي زهير ملاخة يبين أن ما تمر به غالية يعرف باسم هوس الإعجاب بالمشاهير والذي يصيب المراهقين من الإناث والذكور في مرحلة المراهقة، ويندفع مع مشاعره الجارفة، فيصبح يبحث عن الصور الجمالية لذاته بشكل كبير، ويهتم بلفت أنظار الآخرين إليه، يبحث عن أمور جمالية في شخصيات مشهورة ويحاول تقليدها، وهي المرحلة التي تزيد فيها الذروة في الانفعال والبحث عن الجمال الذاتي والشخصي.

ويوضح ملاخة لصحيفة "فلسطين" أن اتجاه المراهق نحو الهوس بالمشاهير يعود إلى طبيعة تفهم وحكمة ودراية الأهل، والمعاملة الوالدية تدفع المراهق إلى جوانب إيجابية أو سلبية، والإهمال والدلال الزائد، وعدم التقارب بين المراهق ووالديه وعدم وجود دفء في العلاقة معهما، مع إطلاق العنان للحرية غير المسؤولة لدى المراهق، تدفعه نحو البحث عن فعل أشياء تميل إلى شهوته.

ويشير إلى أن البيئة المنضبطة بالأخلاق والقيم لها دور في نشأة المراهق، فحينما يتجه إلى التقليد يقتدي بهذه البيئة لأنه يجد راحته الداخلية فيها.

ويشدد ملاخة على أن التربية الصحيحة الإيجابية والبناءة، تتم مراحل نموه بشكل سوي، مع زرع الصورة الإيجابية في نفوس الأبناء، وصقل مجموعة من المهارات والقدرات في الشخصية، وبذلك يتم تجنيبهم التفكير الخاطئ الذي سيؤثر على مشاعرهم وسلوكهم مستقبلًا.

ويلفت إلى أن صحبة السوء في سن المراهقة، والمؤسسات التعليمية لها دور في تحديد اهتمامات وإشباع حاجيات المراهق، إضافة إلى ضعف الثقة بالنفس، وافتقاد اهتمام الوالدين، أو العكس التسلط التربوي الزائد، مع وجود وقت فراغ كبير.

مراحل التعلق الزائد بالمشاهير تأتي تدريجيًّا، يقول ملاخة: "التعلق الزائد والاستمرار فيه يؤدي إلى الهوس به مع صعوبة الانفكاك عما تعود عليه، في الحالة الطبيعية ينتهي التعلق الزائد بانتهاء اهتمامات الشخص نفسه".

وعن مخاطر الوصول إلى مرحلة هوس الإعجاب بالمشاهير، يذكر أن المراهق يتعلق بما يشبهه، وبالتالي تدخل في دوامة إشغال نفسها عن أشياء أساسية من حياتها ودراستها وأهلها، وما يترتب على ذلك من مشاكل قيمية، ومستقبلية.

ويذكر ملاخة أن الفتاة إذا استمرت في التعلق الزائد بشخصية مشهورة، يمكن حينما أن تتزوج ثم يقع الطلاق بسبب ردود الأفعال السلبية والخاطئة من قبل الزوج لزوجته، كما يسبب فقدانًا للتوازن النفسي والسلوكي لدى المراهق.

وينصح أن يدور دور الوالدين في فلك التوجيه والنصح والإرشاد وإشغال وقت المراهق خاصة أن عاطفته تغلب على عقله، مع عدم تركه أوقاتًا لنفسه، وضرورة تعزيز العلاقة الوالدية مع ابنهما المراهق، وتغيير اهتماماتها نحو ميول إيجابية وهوايات أخرى.