فلسطين أون لاين

مروج الإشاعة عضو فاسد يعمل الإسلام على بتره

...
غزة/ أسماء صرصور:

الإشاعة هي الإخبار عن شيء لا تعلم مصدره، أي هي أخبار بلا مصادر، وقد تحتمل الصدق والكذب، وتكون إلى الكذب أقرب ومجهولة المصدر، وعادة يحاول بثها أعداء الأمة وأعداء المجتمع، لإنشاء حالة الاضطراب وعدم الاستقرار في المجتمع، ونشر الفتنة والوقيعة والخوف والهلع بين الناس.

وحول هذا الموضوع ينبّه الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله د. زياد مقداد إلى أن الإشاعة خاصة المنظمة، أي التي يستشعر الشخص أن وراءها أعداء الأمة والدين، يكون مقصدها هدم المجتمع وأركانه.

لذلك –كما يتابع مقداد- وقف الإسلام من الإشاعة موقفًا حازمًا، فقد حرمها أولًا لأنها نوع من الكذب والافتراء والبهتان، وجرم القائمين عليها ثانيًا وعدهم من المجرمين، بدليل قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، وفي موضع آخر قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا".

ويشدد مقداد على أن المروجين للإشاعة مُجرّمون في الإسلام، وسبحانه وتعالى بنفسه في كتابه العزيز هدد أولئك الذين ينشرون الإشاعات تهديدًا قويًا وصريحًا وشديدًا بقوله: "لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا، مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا " والمرجفون –كما يؤكد مقداد- هم مروجو الشائعات.

ويرى الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله أن "المروج للإشاعة هو عضو فاسد في المجتمع، يعمل الإسلام على بتره وتنبيه الناس منه، وإزالته بكل شكل من الأشكال، وكأن مروجي الإشاعات كالطابور الخامس الذين لا يريدون خيرًا للمجتمع، ويعملون لصالح العدو".

وينبه إلى أن أكثر ما تنتشر الإشاعات في أوقات الحروب، فتنتشر الاخبار التي تثبط الناس وتشوه المجاهدين وتخوف الناس من عواقب الحرب، وتقلل من ثقة الناس بمقاومتهم، وهذه الإشاعات من الخطورة بمكان في ضرب الصف الداخلي وضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة.

ويستدرك: "انتشار الإشاعة اليوم ازداد مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكتب الشخص المنشور يقرؤه القاصي والداني في لحظة واحدة، وربما بغير قصد فيه نوع من التثبيط والتخويف، ويسبب أزمة في المجتمع وهلعًا وخوفًا، ويضعف الحالة النفسية التي من المقصود في الشريعة الإسلامية أن تقوى، لأنه كلما قويت المعنويات والحالة النفسية للمجتمع وقت الأزمات، زادت القدرة على مواجهة غطرسة العدو المجرم".

ويوضح أن الإسلام له مواقف في معالجة الشائعات، وهي مواقف وأحداث وقعت بالفعل وعالجها، وكذلك وضع طرقًا للمعالجة، فيذكر مثالًا بعد أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم انتشرت الدعايات والشائعات التي تقول إن الإسلام قد انتهى بموت النبي، وهذه شائعات مقصودة الغرض منها تدمير الإسلام وتثبيط المسلمين، لكن القيادة الحكيمة -يتابع- والفرد الواعي ينبغي أن يكون منتبها لهذه الإشاعات، فقام أبو بكر الصديق بعد انتشار هذه الإشاعات، وتلا قول الحق عز وجل " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "، فاستطاع أبو بكر أن يئد هذه الفتنة وأن يعالج المشكلة.

وفيما يتعلق بطرق معالجة الإشاعة إذا انتشرت في المجتمع، يوضح الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله أن الأصل في سبل الوقاية أولًا إذا ما انتشرت الإشاعة ينبغي أن لا يصدقها الفرد المسلم إلا بالدليل والمصدر الصحيح، وثانيًا أن لا ينشرها حتى إن كان متأكدًا، فلا يكلف نفسه بنشرها، حتى لا يضر بالمجتمع.

ويوضح أن النقطة الثالثة أن يعلم أن نشر هذه الشائعات يكون نشرًا للأخبار الكاذبة فالناشر للكذب يتحمل وزر جريمة الكذب في الإسلام، ورابعًا ليعلم كل ناشر للإشاعات أنه مسئول عن كلامه، فيجيب عن سؤال من أين أتى بكلامه فإن لم يكن يعلم فكلامه شائعات وقد ساهم في نشرها بما لها من أضرار كبيرة على الفرد والمجتمع.