لا يوجد في (إسرائيل) أخضر وأحمر، ولا يوجد أبيض وأصفر، في إسرائيل كلهم عبيد لنجمة داود الزرقاء، وكلهم يحلمون بـ(إسرائيل) التوراتية من النيل إلى الفرات كما يزعمون، وفي إسرائيل كلهم يحاربون العرب، ويكرهون العرب، ويطردون العرب من تاريخهم، ويصادرون الجغرافيا، والعربي الطيب لديهم هو العربي الميت، هذه حقائق لا يستثنى منها إلا نفر قليل من الإسرائيليين، وبعض المفكرين والكتاب الذين انجلت لهم الحقيقة، وأدركوا حجم الأكذوبة التي تغطي زرقة دولة العدوان.
في اليومين الماضيين جن جنون زعيم حزب الليكود نتنياهو لمجرد شائعة عن اقتراب زعيم حزب كحول لبان من تشكيل حكومة أقلية، مدعومة من الكتلة العربية المانعة، هذه الأخبار وظفها نتنياهو لصالح حزبه، فدعا إلى اجتماع طارئ وعاجل لتحالف الأحزاب اليمينية التي تضم حزب شاس وأهدوت هتوراة، واليمين الجديد، وراح يحرض ضد العرب، وضد حكومة ما كانت لتتشكل بدعم أعضاء الكنيست العرب.
نتنياهو يعرف أن خصمه السياسي بني غينتس لا يجرؤ على تشكيل حكومة مدعومة من الأقلية العربية، لأنّ مثل هذه الحكومة الضعيفة لن تعمر طويلاً، وستكون مصيدة لمستقبله السياسي، وستقضي على تحالف حزب كحول لبان، الذي لملم مجموعة الخارجين على نتنياهو من حزب الليكود، ومجموعة الجنرالات ومجموعة لبيد، في تحالف أضعف من الصمود في وجه تكتل اليمين، وقد حذر رئيس الدولة من حكومة أقلية، ومن تأثيرها السلبي على حياة المجتمع الإسرائيلي، وهذا ما توافق عليه ليبرمان الذي اعتبرها كارثة.
ويعرف نتنياهو أن القائمة العربية لن تجمع على دعم حكومة يمينية لا تقل تطرفاً عن حكومة تحالف الليكود، فكلهم من جنس واحد، ولا يختلف غينتس رئيس الأركان أثناء العدوان على غزة سنة 2014 عن موشي يعلون وزير الحرب في العدوان نفسه، ولا يختلف كلاهما عن أشكنازي رئيس الأركان في العدوان على غزة سنة 2012، فحكومة الجنرالات قد تكون أكثر وحشية وعنفاً ضد العرب من حكومة تحالف أحزاب اليمين، ولأن الناخب العربي لا يمكنه ابتلاع طعم التفريق بين هذا الجنرال وذاك الجنرال، لذلك لن يدعم قائمة عربية تدعم حكومة الجنرالات، وهذا ما يدركه جيداً قادة القائمة العربية المشتركة.
مهاجمة نتنياهو للعرب من على منصة الكنيست لا تعكس شخصية حزب الليكود وعداءهم للإنسانية، تحريض نتنياهو على العرب جاء ليكشف حقيقة المجتمع الإسرائيلي الذي خاطبه نتنياهو وجدانياً، حين هاجم قيادة حزب كحول لبان من الخاصرة الضعيفة، وراح يحذرهم من الاقتراب من العرب، ومن الثقة بالعرب، ومن تلقي الدعم البرلماني من العرب، فهذه اللغة التحريضية تجد صداها لدى الشارع الإسرائيلي، فالعداء للعرب هو صلب التنافس بين الأحزاب الإسرائيلية، وهذا هو أساس برنامج حزب أزرق أبيض الذي يتزعمه الجنرال بني غانتس، وهو يواصل التهديد لغزة، والتحريض على ضم الضفة الغربية، وما كان تسريب الأخبار عن تلقي الدعم من القائمة العربية إلا مناورة حزبية رخيصة، لا تعكس حقيقة استعداده لإعادة التكليف لرئيس الدولة غداً دون الاعتماد على القائمة العربية.
حزب أزرق أبيض الذي يضم العديد من الجنرالات المتطرفين، وعلى رأسهم موشي يعلون زعيم حزب تيلم؛ الذي يضم في جنباته سكرتير نتنياهو السابق، ومدير الإعلام السابق، هذا الحزب لا يختلف كثيراً عن حزب الليكود، إن لم يتفوق عليه تطرفاً، وهذه حقيقة لا يغفل عنها زعماء القائمة العربية المشتركة، وأزعم أنهم الأكثر حذراً من هذا وذاك، ومعظمهم ضد الزج بصوت الناخب العربي في صراع الأحزاب الصهيونية التي اغتصبت فلسطين، وجعل من أهلها لاجئين.