بث موقع كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس فيديو لمدة دقيقتين، المعلن في الفيديو توثيق عملية إطلاق صاروخ موجه تجاه باص عسكري إسرائيلي، ولكن غير المعلن أن كل ثانية تحمل في طياتها رسالة عسكرية وأمنية وسياسية، فقد لا يفكك شيفرتها سوى خبير عسكري أو أجهزة الاستخبارات الصهيونية، ولكني كمحلل سياسي سأجتهد في تفكيك أهم رسائل هذا الفيلم القصير.
1. في الثواني الخمس الأولى جاءت هذه الفقرة: "في ذكرى أول دخول معلن للصواريخ الموجهة باستهداف جيب عسكري شرق البريج خلال حجارة السجيل"، هذه العبارة موجهة لجيش الاحتلال وتقديري أنها تحمل رسالة مفادها أنها تذكر (إسرائيل) بعملية الجيب العسكري وحجم المقارنة بين تلك العملية وعملية الباص من حيث قدرة المقاومة الفلسطينية في تطوير هذا النوع من السلاح، وأربط هذه الفقرة بتصريحات يحيى السنوار يوم 4/11/2019م بأننا في حماس نمتلك الآلاف من المضادات للدروع صنعت في غزة، وكأن القسام يلخص هذه الفقرة بأننا الآن نمتلك صواريخ موجهة مضادة للدروع تمتاز من حيث الكم والنوع والعنصر البشري الذي يستخدمها بشكل أفضل بكثير مما كان عليه في حجارة السجيل.
2. في الثانية العشرين حملت الفقرة عبارة لأول مرة تستخدمها كتائب القسام في أدبياتها وبياناتها الجهادية وهي: هيئة أركان القسام، وبعدها في الثانية 25 جاءت عبارة قائد هيئة الأركان محمد ضيف. حيث في الماضي كانت تستخدم القسام لقب القائد العام لكتائب القسام عن محمد ضيف، ودلالة ذلك أن القسام أصبح قوة أكثر تنظيمًا تحاكي الجيوش النظامية ويحكمها هيكل تنظيمي كباقي الجيوش في المنطقة.
3. في الثانية الخامسة والعشرين جاءت الفقرة التالية: "صدر القرار من قائد هيئة الأركان محمد الضيف برد يوازي حجم الاعتداء على ألا يكون بكامل القدرة القتالية".
وهو ما يعني أن المقاومة لا تتصرف بمبدأ رد الفعل، وهي رسالة داخلية للرأي العام الفلسطيني أن المقاومة تدير عملياتها وفق تقدير موقف وليس تحت تأثير ضغط الرأي العام، فالشهيد نور بركة قائد كبير وله مكانة ولكن إدارة المعركة يجب أن تخضع لحسابات عسكرية دقيقة لتحقيق الأهداف المرجوة، وهي أيضًا تأتي في سياق الحرب النفسية للعدو، وكأن القسام يريد أن يقول للعدو لا تختبر صبرنا.
4. في الثانية 32 جاء بالفقرة ثلاث رسائل وهي ركن العمليات -بنك الأهداف -مصادقة القيادة للتنفيذ، إضافة إلى الصورة التي تعكس عمق الرصد ودقته، وهو ما يعني أن المقاومة على جهوزية كاملة لأي سيناريو.
5. في الثانية 43 جاء بالفقرة "أن الهدف الأمثل هو هدف عسكري" وهذه رسالة للمجتمع الدولي بأن المقاومة الفلسطينية تحترم القانون الدولي واتفاقية جنيف الثالثة، وتمارس أخلاق المقاومة عند التنفيذ، حيث أفاد قناص الآليات صقر في الثانية 55 أن عدم قصفه للباص وهو حافل بالجنود بسبب عائق طارئ، ولم يفسر الفيديو ماهية هذا العائق ويبقى احتمال وجود مدنيين دفعت صقر لعدم إطلاق هذا الصاروخ قائمًا، على عكس الاحتلال الذي أباد عائلة بأكملها (السواركة) في دير البلح.
6. بعد الدقيقة الأولى بأربع عشرة ثانية أكدت الفقرة مرافقة الإعلام العسكري لقناص الآليات وهذه رسالة للرقيب العسكري الصهيوني الذي يخفي خسائر جيشه بأن يراجع سياسته. كما أكدت احترافية التدريب له ولرفاقه، وهذا يعني أن وحدة قنص الآليات أصبحت كتيبة مستقلة لدى القسام أو وحدة مستقلة مدربة جيدًا.
7. بعد الدقيقة الأولى بأربع وعشرين ثانية نصت الفقرة على أن العدو بعد العملية جن جنونه وبدأ بقصف المنشآت المدنية، لتبدأ القسام بعد قرار من قائد هيئة الأركان بتوجيه ضربة صاروخية لعسقلان باستخدام صواريخ من العيار الثقيل، ورسالة هذه الفقرة أن القسام يريد أن يعكس حالة الانضباط العسكري والتدرج في الرد بما يحقق الأهداف السياسية.
8. يختم الفيديو بالفقرة التالية: "وتبقى الأيام تخفي في طياتها ما سيفاجئ الاحتلال وسيشكل له في كل مرة الصدمات تلو الصدمات".
الخلاصة: فيديو قصير ولكنه يحمل رسائل كبيرة داخليًا وخارجيًا، وإن كان لي من ملاحظة أو نقد على هذا العمل، فهو أن يكون هذا العمل باسم غرفة العمليات المشتركة.