فلسطين أون لاين

​أحمد الجعبري.. اسمٌ أرعب المحتل وفجّر "حجارة السجيل"

...
غزة/ أحمد المصري:

وافق أمس، الذكرى السابعة لاستشهاد نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس أحمد الجعبري، بعد استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي سيارته الخاصة وسط مدينة غزة.

فقبل سبعة أعوام وفي تمام الساعة الـ3:45 من يوم الأربعاء لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني، عام 2012 هز انفجار قوي أرجاء مدينة غزة , تبين بعد دقائق من وقوعه، استهداف طائرات الاحتلال القائد الجعبري في سيارته أثناء سيرها قرب مشفى الخدمة العامة وسط المدينة.

ولم تمضِ سويعات على انتشال جثمان الجعبري ومرافقه، حتى أمطرت كتائب القسام البلدات والمستوطنات الإسرائيلية بالقذائف الصاروخية ولتصل لأوّل مرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال مدينة "تل أبيب" والقدس المحتلتين، وليعلن في ظلها عن بدء "حجارة السجيل" ردًا على عملية الاغتيال.

يُعد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض حتى يوم اغتياله وأُطلق عليه "رئيس أركان حركة حماس".

وُلد عام 1960، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لعائلة انتقلت مطلع القرن العشرين من مدينة الخليل بالضفة الغربية إلى قطاع غزة، فيما أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس القطاع، وعمل بعدها في الزراعة ليعيل أهل بيته، كون والده مقيمًا حينذاك في الأردن، متحملاً مسؤولية البيت في غياب والده لمدة تسع سنوات متواصلة، غير أن ذلك لم يمنعه من اكمال تعليمه ليحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ الإسلامي.

استهل الجعبري حياته النضالية في صفوف حركة "فتح"، وقد اعتقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد الاحتلال وأمضى 13 عامًا، بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة للحركة خططت لعملية فدائية عام 1982.

وخلال وجوده في السجن، أنهى الجعبري علاقته التنظيمية بحركة فتح، رغم كل الضغوطات التي لاحقته وانتمى لـحماس، متأثرا خلال رحلة اعتقاله بشخصية وفكر الشيخ صلاح شحادة القائد العام لكتائب القسامرغم الاختلاف التنظيمي بينهما آنذاك.

وفي مطلع عام 1994؛ قرر الاحتلال الإفراج عن معتقلين فلسطينيين كبادرة حسن نية تجاه منظمة التحرير الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية أوسلو، شريطة أن يوقع الأسير على تعهد قبل الإفراج عنه بعدم "ممارسة الإرهاب والمقاومة" والالتزام بالاتفاقيات، إلا أن الجعبري رفض التوقيع مقابل الإفراج عنه، وقال آنذاك "أمضيت في السجن 11 عامًا، وسأكمل العامين الباقين ولا يقال لي يوما إن اتفاقية أوسلو هي التي أخرجتك من المعتقل، وإنك وقعت على تعهد بعدم ممارسة المقاومة، فلماذا نحن خلقنا واعتقلنا؟".

وبعد إفراج الاحتلال عنه، توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام بفلسطين محمد الضيف وبمهندس المتفجرات الأول في حماس عدنان الغول والقيادي العسكري البارز فيها سعد العرابيد، فساهم معهم -إلى جانب الشيخ صلاح شحادة- في تأسيس "كتائب عز الدين القسام" وتولى قيادة منطقة غزة المسماة تنظيميا "لواء غزة"، مما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في عام 1998 إلى اعتقاله مدة عامين بـ"تهمة" علاقته بكتائب القسام.

خرج من سجون السلطة إثر قصف الاحتلال لمقرات أجهزتها الأمنية في القطاع مع بداية انتفاضة الأقصى 2000، ليلمع نجمه بعدها مع ترتيب وقيادة العمل العسكري خلال انتفاضة الأقصى لكتائب القسام، مشاركا في زيادة تدريب عناصرها وتسليحهم بشكل كبير، ليحولها من مجموعات مسلحة إلى جيش شبه نظامي يتكون من تشكيلات قتالية منظمة.

وخلال عمله العسكري، نجا من محاولات اغتيال عدة، وكان أبرزها، عملية الاغتيال في السابع من أغسطس/ آب عام 2004م حينما قصفت طائرة إسرائيلية منزل عائلته في حي الشجاعية، فاستشهد نجله محمد (23 عامًا) وشقيقه فتحي (38 عامًا) وصهره، وعدد من أقاربه، ومرافقه علاء الشريف (27 عامًا)، إلا أنه نجا من محاولة الاغتيال الجبانة وأصيب بجراح طفيفة.

برز دور القائد الجعبري أكثر خلال العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر 2008 وبداية 2009، ووصفته أوساط إسرائيلية بـ"مهندس التصدي" لهذا العدوان الذي دام اكثر من عشرين يومًا، وأطلقت عليه لقب "الشبح" بسبب العجز عن اغتياله أو الإمساك به.

ومن موقعه في قمة الهرم العسكري القيادي لكتائب القسام؛ لعب دورًا بارزا في إنجاز صفقة "وفاء الأحرار"، لتحدث الصفقة الأبرز والأكبر لتبادل الأسرى خلال تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي أرغم الاحتلال بموجبها على إطلاق سراح أكثر من ألف أسير وأسيرة من شتى ألوان العمل الفصائلي والمناطق الفلسطينية.

وأظهر الجعبري صلابة وشراسة المفاوض، أمام المراوغات الإسرائيلية في كل جولة من المفاوضات التي استمرت لقرابة خمس سنوات، ساعيا لإطلاق العدد الأكبر من الأسرى القدامى وأصحاب المحكوميات العالية، وهذا ما حدث في أكتوبر من العام 2011م، عند إتمام صفقة وفاء الأحرار.