عاد المشاركون في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أدراجهم في أماكن اللجوء حول العالم، لكن يبدو وفق معطيات منها البيان الختامي، أن خطوات عدة تلوح في الأفق للدفع باتجاه إحياء منظمة التحرير الفلسطينية.
ولاستيضاح تلك الخطوات، حاورت صحيفة "فلسطين" السفير الفلسطيني السابق وعضو المبادرة للمؤتمر الشعبي الدكتور ربحي حلوم، الذي يكشف عن أن العمل سيجري قريبًا للقيام بالاستعدادات والطرق الكفيلة بإجراء انتخابات حرة في أماكن تواجد الفلسطينيين في الخارج بحيث تتزامن مع عملية مماثلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948 "في منأى عن الاحتلال ليقول شعبنا كلمته في اختيار من يمثلونه في المجلس الوطني ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية".
ويضيف أن المؤتمر الذي انعقد في 25 و26 من الشهر الماضي، في اسطنبول، يهدف أولاً وأخيرًا إلى إعادة تشكيل منظمة التحرير على القواعد والأسس التي تأسست من أجلها المنظمة وعلى قاعدة الميثاق القومي الفلسطيني المقر عام 1964 والمعدل لعام 1968.
وهذه الخطوة، والكلام لا يزال لحلوم، تتم عبر الانتخابات الحرة وبكافة أماكن تواجد الفلسطينيين، قائلاً: "هذه هي الطريقة الوحيدة، والمجلس الوطني الجديد المنتخب هو صاحب الوصاية حينها في إعادة تشكيل هيئات منظمة التحرير ومأسسة عملها وفق الأصول التي ضمنها الميثاق القومي الفلسطيني".
ويشير إلى أن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، حضره أكثر من ستة آلاف فلسطيني من مختلف الأطياف والتجمعات والألوان الفلسطينية الهادفة إلى إعادة منظمة التحرير لوضعها الطبيعي وتفعيلها وفق الانتخابات، موضحًا أن الشعب الفلسطيني "كفيل بوضع الآلية التي تضمن له إجراء الانتخابات".
ويردف: "شعبنا في الداخل وفي أراضي الـ48 وفي القطاع الصامد كفيل بإيجاد الآلية التي تضمن له قول كلمته بحرية ووضوح في اختيار من يمثلونه"، مشددًا على أن "الانتخابات هدفها إعادة تشكيل وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، لا القفز عنها".
وينبه إلى أن الخطوة الأولى لإعادة تشكيل المنظمة، تتمثل بانتخاب ممثلي الشعب في الخارج والداخل في المجلس الوطني، وإعادة تأسيس هياكل منظمة التحرير المنصوص عليها في الميثاق القومي حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه.
ويتابع: "نحن بصدد وضع آليات من أجل إجراء الانتخابات لفلسطينيي الخارج لاختيار ممثليهم (في الوطني) بالتزامن مع عملية مماثلة لإخوتنا وأهلنا في الداخل: أراضي الـ48 والضفة والقطاع".
وينوه السفير السابق، إلى أن الشعب الفلسطيني هو "وحده الشرعية"، وأن الشخصيات المشاركة في المؤتمر يعملون على تحقيق الشراكة مع كافة أبناء الشعب في الداخل والخارج.
والمجلس الوطني هو بمثابة برلمان منظمة التحرير (يضم معظم الفصائل باستثناء حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي) وعقدت آخر دورة له في غزة عام 1996، تبعتها جلسة تكميلية عقدت في رام الله بالضفة الغربية عام 2009.
ويرى حلوم أن "هناك طرقا عدة لانتخابات في منأى عن الاحتلال ليس الآن موضع إعلانها"، منوهًا إلى الانتخابات التشريعية الأخيرة "إذ كانت هناك شبه ضمانة دولية وتم الإشراف عليها وتمت بنجاح لأنه كانت هناك ضغوط دولية من الخارج وأجهزة رقابية من عدة أطراف"؛ وفق قوله.
ويعتبر أن إجراء انتخابات لفلسطيني الخارج "ميسورة وممكنة ولا عقبة في ذلك وأيضًا في الداخل"، مستشهدًا بالانتخابات التشريعية في 2006.
ويقول: "هناك طرق لضمان انتخابات في الحصول على ضغط دولي من هنا وهناك بالتالي نحن لا نتحرك في فراغ، بل نتحرك على قواعد ديمقراطية صلبة تتأسس على الميثاق القومي الفلسطيني".
ويبين أن الانتخابات في 2006 "تمت بضغط شعبي ودولي وهذا الضغط متوفر الآن"، قائلاً في الوقت نفسه: "نحن لا نستند على هذه الدولة أو تلك، بل نستند على مواقف شعبنا وحقه في تقرير مصيره واختيار ممثليه. هذا حق شرعي دولي لا يستطيع أحد أن يحرم شعبنا منه".
ويؤكد أن الانتخابات المزمع إجراؤها للمجلس الوطني ستفرز ممثلين للفلسطينيين في الداخل والخارج في هذا المجلس "الذي هو القاعدة للانطلاق إلى إعادة تفعيل منظمة التحرير يعني ليس خطة بديلة".
ويلفت إلى أن "هناك أعضاء في المجلس الوطني متوفين منذ 20 عامًا وما زالت أسماؤهم تذكر أنهم أعضاء فيه، وهناك من سموا أعضاء لم يخترهم أحد سوى (رئيس السلطة الفلسطينية محمود) عباس وأعوانه"؛ وفق تعبيره.
وبحسب حلوم، فإن هناك عملاً واجتماعات متواصلة وتكثيفًا للجهود التي قررها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الذي شكل أمانة عامة وهيئة تنفيذية، مردفًا "ستسمعون قريبًا عن تحركات تجاه تنفيذ ما اتفقنا عليه بشكل يمكن شعبنا من اختيار ممثليه".
"لا شرعية ولا وصاية"
وبشأن وصف مدير عام دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير، نهاد أبو غوش، المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج بأنه "مهرجان خطابي نظم لدوافع فئوية ومحورية"، يرد حلوم أنه "لا وصاية لأحد من القائمين الآن في السلطة الفلسطينية، لا شرعية ولا سلطة لأي منهم على تمثيل شعبنا بعد أن فقدوا شرعيتهم بتنسيقهم الأمني وتنازلاتهم للعدو الصهيوني وصمتهم عن مواصلة الاستيطان والتهويد".
ويعتبر حلوم أن "الوطني" الحالي، "لم يتم تعيينه وفق اللوائح وشكلوه خارج أي أطر شرعية على الإطلاق، ووضعوا حراساتهم الأمنية أعضاء في المجلس الوطني حتى يكملوا العدد وأتوا بهذا وذاك بحشد عدد كبير يسمونه مجلسًا وطنيًا".
ويرى أنه "لا شرعية للرئاسة القائمة ولا (لأعضاء) المجلس الوطني لأن أيا من هؤلاء لم يتم انتخابه من شعبنا، وبالتالي من لا شرعية له ليس مخولاً بشكل أو بآخر بأن يضفي شرعية على الآخر أو أن يعتقد أنه صاحب الوصاية على الشعب الفلسطيني؛ فلا وصاية على الشعب إلا لفلسطين والقضية والأرض والتاريخ".
ويتهم القائمين على المنظمة حاليًا بأنهم "اختطفوها وداسوا على قيمها ومبادئها وهياكلها وهمشوا كل لوائحها الداخلية وقزموا ميثاقها وداسوا على كل تقاليدها".
كما يقول، إنه "لا تواصل مع عباس لأن التواصل مع الأخير وسلطته يعني الاعتراف بالتنسيق الأمني وباتفاق (أوسلو)"؛ وفق رأيه.
ويرفض حلوم الشراكة مع من وصفهم "المنسقين الأمنيين" في إشارة إلى التنسيق الأمني بين السلطة في الضفة الغربية والاحتلال الإسرائيلي، مبينًا أن "الشراكة هي للشعب وحده".
ويعتقد أن حركة فتح "مختطفة من عباس وسلطته"، قائلاً: "إن فتح فيها مقاتلون شرفاء وهؤلاء تعمل ممارسات الاحتلال على شل قدرتهم وتحركهم في اتجاه اختيار ممثلي شعبهم وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية".
ويتابع: "نحن لا نبحث عن شراكة مع عباس، شراكتنا هي مع شعبنا في الداخل: أراضي الـ48 وفي قطاع غزة والضفة الغربية، مع قواعد الشعب والمواطن المهمش الذي تم لجمه ومنعه من أن يقول كلمته في مصيره"، متهمًا القائمين على المنظمة حاليًا أنهم "يقامرون بمصير هذا الشعب"؛ على حد وصفه.
ويتهم حلوم، عباس وسلطته بأنهما "يخدمان الاحتلال"، مشيرًا إلى أن "العالم الذي يعترف بعباس هو ذاته الذي يعترف بالاحتلال ويقر به"، مشيرًا إلى أنه "حين اعترف العالم بمنظمة التحرير عام 1974 لم تكن هناك سلطة فلسطينية.. هذا الاعتراف فرضناه بقوتنا ووحدة شعبنا ولأن شعبنا كان مالكًا قراره، وحينما انعقد المؤتمر الشعبي الفلسطيني الأول في القدس فرض شرعيته على العالم".
ويتمم بالتعبير عن اعتقاده، بأنه "لا يوجد بين أبناء شعبنا من يريد عباس إلا القلة الذين ينتفعون من بقاء السلطة ومفاسدها"؛ وفق قوله.
جدير بالذكر أن اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون، اجتمعت في يناير/ كانون الثاني الماضي في بيروت، بمشاركة ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، حيث أعلن الزعنون الاتفاق على "ضرورة تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة كافّة بدءًا بتشكيل حكومة وحدة وطنية"، ومواصلة اللجنة التحضيرية عملها لحين انعقاد مجلس يضم كل القوى الفلسطينية، لكن حتى اللحظة لم يتم عقد أي اجتماع آخر لهذه اللجنة.