"كاذبة من تدعي أنها تستطيع الاستغناء عن الرجل، وكاذب من يدعي قدرته على الاستغناء عن المرأة". الفقرة السابقة قرأتها في مقال قبل أكثر من 15 عامًا في إحدى المجلات الخليجية.
ما ورد هو اعتراف حقيقي ينم عن فهم صادق ومنسجم مع نظرة التكامل لهذه المسألة، وليست كما يسوق لها الواقع أنها نظرة تنافسية تعارضية، فقد حرص الإسلام على أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقة تكاملية، يكمل كل واحد منهم الآخر، فالمرأة تقوم بواجباتها وفق ما وضعه الله فيها من مقومات نفسية وعقلية وجسمانية، والرجل يمارس دوره في الحياة وفق الضوابط الشرعية كي لا يطغى أحدهم على الآخر، وهنا أستحضر مثلًا مصريًّا "عايزين يبقى الراجل راجل والستات تفضل ستات"، فلا يتعدى أحدهم على صلاحيات الآخر، ولا يغتر أحدهم بما لديه من علمٍ ومالٍ ولا يتخذ قرارات أسرية وحده، فالحياة الزوجية مثل جناحي طائر لا يستطيع حملها واحد بمفرده، كما قال ذات يوم "ناظم حكمت": ولنا في القرآن الكريم أسوة حسنة، حيث حثنا الله عز وجل على "وأمرهم شورى بينهم"، وهنا أذكر أن آخر قرار يتخذه الإنسان بمفرده هو قرار الزواج.
إن من أبرز أسباب المشاكل بين الزوجين هو أن كل واحد منهم يتهم الآخر ويقلل من حجم أعماله، فنرى الرجل يتهم المرأة "أنت حضرتك شو تعملي في الدار؟ ويتساءل بتهكم أنت كيف تتعبين والحضارة قد خدمتك كثيرًا، حيث أنتجت لك آلة غسيل الملابس والثلاجة والخياطة والتطريز والعجانة وطنجرة الخبز وجهاز تسخين الطعام وكي الملابس؟ فترد المرأة بصاروخ مضاد تتهم الرجل: "وأنت حضرتك شو تعمل في الشغل؟".
إن سوء فهم كل واحد لطبيعة عمل الآخر وعدم تقديره للجهد المبذول من الآخر يعزز الفجوة بين الطرفين، ويجب أن يزول، لأن الحضارة وإن استطاعت صناعة أدوات مادية تساعدها على إنجاز أعمال البيت، فإنها لم تصنع أجهزة لتحمل الضغط النفسي والبدني الناتج عن عملية تربية الأبناء ومتابعتهم.
فيا عزيزي الرجل عليك أن تتفهم أن عمل المرأة في البيت أكبر من إعداد الطعام وغسل الملابس والصحون، بل إنها عملية تنفق فيها المرأة كل وقتها وتبذل جهدًا قد يفوق طاقتها من أجل المحافظة على مملكتها.
كما أنه يا عزيزتي المرأة، لا تستهيني بعمل زوجك خارج البيت فهو يتعب ويتعامل مع أصناف كثيرة من الناس وتصرفاتهم وأفكارهم ويتحمل الكثير من الأذى.
انظر لزوجتك على أنها نصفك الآخر، وانظري لزوجك على أنه نصفك الآخر، كي تسقيم الحياة.