فلسطين أون لاين

قاضيان سابقان: السلطة تستخدم القضاء لخدمة مصالحها

سيطرة عباس على القضاء.. انعكاسات على حقوق المواطنين في الوصول للعدالة

...
رئيس السلطة محمود عباس
رام الله-غزة/ محمد أبو شحمة:

يواصل رئيس السلطة محمود عباس إحكام قبضته على مكونات السلطات الثلاث، وكان آخر ذلك تعديله قانون السلطة القضائية، وحله لمجلس القضاء الأعلى، وهو ما يعد خلافًا للقانون الأساسي الفلسطيني.

ويهدف عباس من وراء خطواته الجديدة إلى استخدام القضاة كورقة سياسية تخدم مصالحه وتضمن تنفيذ جميع قراراته دون تعطيل من أي جهة أهلية، وهو ما يعد مساساً بالمبادئ والقيم الدستورية الفلسطينية، وفق ما يرى مختصون.

وبدأت خطوات عباس تنعكس على حقوق المواطنين وتمكنهم في الوصول إلى العدالة، بسبب عدم استقلالية القضاء الفلسطيني.

وأصدر رئيس السلطة في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي قرارًا يقضي بإحالة عدد من القضاة إلى التقاعد المبكر، بناءً على تنسيب مجلس القضاء الانتقالي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء التابعة للسلطة "وفا".

وعدّل عباس قانون السلطة القضائية، وبدأ بإنزال سن تقاعد القضاة إلى الستين، وحل كذلك مجلس القضاء الأعلى، وأنشأ مجلس قضاء أعلى انتقاليًا لمدة عام، يتولى خلاله مهام مجلس القضاء الأعلى، وإعادة تشكيل هيئات المحاكم في كافة الدرجات، وهو ما يعد مخالفاً للقانون الفلسطيني.

ويؤكد رئيس نادي القضاة الفلسطينيين السابق، المستشار أسامة الكيلاني، أن رئيس السلطة لا يحق له إقالة أي قاضي، وفق قانون السلطة القضائي، الذي يمتلك فقط الحق الدستوري في هذه الخطوة، من خلال إحالة القاضي لمجلس تأديبي.

وقال الكيلاني لصحيفة فلسطين: "وفق القانون في إحالة القضاة والتسلسل، يتم النظر في القضية لو كانت مطالبة جنائية، ثم يتم نهاية خدماته بعد إجراء محاكمة عادلة له، وليس بقرار من رئيس السلطة".

وحول إطاحة رئيس السلطة بنحو خمسين قاضيًا عن عرش السلطة الثالثة، في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في التسعينات، أوضح الكيلاني أن القضاة منذ صدور القرار، تقدموا إلى القضاء، وحصلوا على حكم من المحكمة الدستورية بعدم قانونية إحالتهم للتقاعد المبكر.

وأضاف: "رغم قرار المحكمة الدستورية، أصدر الرئيس بعدها بوقت قصير قراراً بإحالة القضاة على التقاعد المبكر وهو ما يعني تدخلاً كبيراً في عمل السلطة القضائية، وتجاوزًا لقرارات المحكمة".

ووصف المستشار الكيلاني قرار تعديل قانون السلطة القضائية، بـ"العوار الدستوري، كون قانون السلطة القضائية، موجودًا قبل القانون الأساسي الذي تم تشريعه، منوهًا إلى أن تعديل أي قانون يجب من خلال المجلس التشريعي.

وتابع أنه طالما أن عباس يواصل إصدار القوانين، في ظل تعطيل المجلس التشريعي، فلن يكن هناك قضاء مستقل، وستتواصل الانتهاكات الدستورية في البلاد.

تغول على القضاء

المحامي والقاضي السابق داود درعاوي، أكد أن السلطة التنفيذية تتغول على السلطة القضائية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، وما أوصل القضاء إلى هذه الدرجة هو وجود متنفذين من السلطة داخل الجهاز القضائي فتحوا المجال للمساس في استقلالية القضاء.

وقال درعاوي لصحيفة "فلسطين": "خطوة عباس الأخيرة من خلال سيطرته على القضاء الفلسطيني، بدأت تنعكس على حقوق المواطنين وحقهم في الوصول إلى العدالة".

وأضاف درعاوي: "سيطرة السلطة على القضاء حرمت النقابات المهنية والكثير من الموظفين الذين تم إحالتهم للتقاعد القسري وأصحاب الرواتب المقطوعة، من الحصول على حقوقهم بشكل نزيه".

وأوضح أن السلطة نجحت في جر القضاء إلى مربع تبعات الانقسام السياسي، من خلال استخدامه ضد القضايا الجوهرية التي ترفع ضدها.

وأشار إلى أن القضاء الفلسطيني بالضفة الغربية أصبح شريكا في عملية التنصل من حقوق المواطنين ودعم استقواء السلطة التنفيذية، من خلال التدخل في استقلالية عمله، وعدم إصلاحه، إضافة إلى غياب المجلس التشريعي.