حراك باهت لا يرى بالعين المجردة لنصرة الأسير المريض أحمد عبد الكريم غنام (42 عامًا)، الذي يخوض معركة التحدي بأمعائه الخاوية منذ أكثر من 100 يوم من الإضراب عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري.
ما زالت حالة التضامن مع الأسير غنام وإخوته المضربين لا ترقى إلى الحد الأدنى من المستوى المطلوب، ولا التضامن مع الأسرى عامة مرضيًا.
لمن لم يجرب الأسر نقول له إن الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعًا خارج السجن، ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة ومعها العذاب، والموت يلاحق أسرى زنازين العزل الانفرادي المضربين.
الأسير غنام يقترب منه الموت ويتهدده في كل لحظة، والاحتلال يتمادى في غيه وبطشه به باستمرار اعتقاله بلا تهمة، الاعتقال الإداري المشئوم من أيام الانتداب البريطاني الغابر، دون محاكمة، ودون اتهام، استنادًا إلى أنظمة وأوامر عفا عليها الزمن، وما زال خيرة شباب وقيادات الشعب الفلسطيني يدفعون ثمنها باهظًا.
صحيح أن وجع الأسير غنام وخمسة أسرى آخرين مضربين منهم الأسيرة هبة اللبدي هو وجع كل الأسرى، ووجع كل الشعب الفلسطيني وكل غيور وشريف في هذا العالم المتناقض المنافق.
الكارثة المتواصلة هي عدم التفات الغرب والمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان إليه وإلى قرابة خمسة آلاف أسير فلسطيني، وسبب ذلك فضلًا عن نفاق الغرب هو أننا ضعفاء ومنقسمون، وهواننا يشجع الغرب على تشتيتنا ومواصلة تفريقنا، وهذا هو بعينه الوجع الأكبر والأخطر.
ويعاني غنام آلامًا في الكبد وضعف عضلة القلب ونقصًا حادًّا في الوزن وعدم قدرة على السير وآلامًا في المعدة والرأس، وعدة أمراض ومخاطر نتيجة الإضراب الطويل، إضافة إلى استمرار تعنت الاحتلال في قضية اعتقاله الإداري.
آلام وأوجاع الشعب الفلسطيني كثيرة وصعبة، إلا أن أكثرها صعوبة وخطورة آلام الأسرى؛ الذين تفنى زهرة شبابهم وتذوب أعمارهم وأحلامهم خلف قضبان الحديد، التي تأكل من أجسادهم؛ لأجل أعدل وأقدس قضية لتحرير شعب مظلوم ومكلوم، من احتلال يضرب عرض الحائط بكل ما تعارفته البشرية من حقوق الإنسان والقوانين العادلة.
من أقدم الأسرى المضربين أيضًا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير طارق حسين قعدان (46 عامًا) من مدينة جنين، إضرابه المفتوح لليوم الـ83 تواليًا، والأسير إسماعيل أحمد علي (30 عامًا) من بلدة أبو ديس بالقدس الذي يخوض إضرابًا عن الطعام منذ 91 يومًا، ويعاني هبوطًا حادًّا في دقات القلب التي وصلت نسبتها إلى 25%، وضعفًا في عضلة القلب، وآلامًا في الكلى.
ويواصل الأسير مصعب توفيق الهندي (29 عامًا) من بلدة تل في محافظة نابلس الإضراب عن الطعام منذ 24 يومًا، بعد إصدار أمر إداري بحقه، والأسير المحرر المعاد اعتقاله أحمد عمر زهران (42 عامًا) من قرية دير أبو مشعل غرب رام الله يخوض الإضراب منذ 24 يومًا، بعد أن نكث الاحتلال بوعده له بإطلاق سراحه في أكتوبر، بعد أن خاض إضرابًا عن الطعام في يوليو الماضي استمر 38 يومًا متتالية، وجدد له الإداري مرة ثالثة.
وتخوض الأسيرة الأردنية هبة اللبدي (24 عامًا) إضرابًا عن الطعام منذ 28 يومًا بعد إصدار أمر اعتقال إداري بحقها، وهي معتقلة منذ 20/8/2019م لدى وصولها برفقة والدتها إلى معبر الكرامة، ورفضت مخابرات الاحتلال إطلاق سراحها، وثبتت الإداري بحقها 5 أشهر.