يقع الأقصى هذه الأيام بين جريمتين: بين تحفيز سلطات الاحتلال لمن لا حق لهم فيه وبين جريمته في منع أصحابه منه من جهة أخرى!!!
"يروى أن قاضيا ذكيا أراد أن يعرف الام المدعية من الام الحقيقية في قضية تدعي كلتا المرأتين أن الطفل ولدها، فقال نقسم الطفل الى قسمين وكل واحدة تأخذ نصفا وافقت المدعية بينما تنازلت الام الحقيقية عن القضية حرصا على سلامة ولدها، عندئذ عرف القاضي ام الولد".
في الامر خطورة يجب عدم الاستهانة بها وفيه ايضا بشرى تشجعنا لعمل المطلوب.. أما البشرى فهي أن كل اجراءات التحفيز والاغراء ومنح التسهيلات واستغلال العاطفة الدينية والغطرسة السياسية وفتح كل الطرق المؤدية للاقصى دونما اي حواجز أو اي تنغيصات على الطرق تعكر صفو حجّاجهم الاشاوس، كلها تسفر عن مئات وقد تجاوزوا الالف قليلا في يوم حجهم الاكبر.
أما بخصوص أصحابه الاصليين فرغم كل الموانع الامنية التي تمنع اغلب الناس من القدوم اليه وتحديد ذلك بالممغنط والتصريح ثم ذودهم على الحواجز التي تكون بمثابة "عنق الزجاجة" التي ينحشر فيها من تجاوزوا عقبة التصاريح لساعات طوال، وداخل هذا العنق تجد الفرز تلو الفرز وكل اجراءاتهم الحديدية هذه تقول لك بصوت مسموع انت غير مرغوب فيك، عقبة تلو العقبة وفي كل منها كيل الاهانة والتبكيت وتجرع القهر بكل ألوانه القاتمة. اكثر من 90 % لا يسمح لهم بالوصول للقدس (في رمضان تسمح الصلاة في الاقصى لمن هم فوق الخمسين يوم الجمعة فقط: أين يوجد هذا في العالم كله؟) ثم تكون النتيجة مئات الالاف يصلون الاقصى من عشاقه ومحبيه وقبل كل شيء أصحابه الاصليون، اليست هذه بشرى تثبت لنا على الدوام ان هذا الاقصى الاسير سوف يُحرر قريبا باذن الله ولن تسري عليه مؤامراتهم السخيفة وأفعالهم المشينة، هذا بالضبط يؤكد ما وصل اليه القاضي في قسمة الولد، الام المدعية تريد تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا بينما الام الحقيقية لا يمكن ان توافق على قسمته، الاولى تدفع بكل قوى واغراء وتحفيز لممارسة باطلها فلا يستجيب الا القليل القليل، الثانية تمنع بكل قوة بغية التنازل عن حقها والموافقة على قسمته ولكن هذا لا يفتّ من عضدها وتصر على ممارسة حقها مهما تجاوز الظالمون المدى وكل قوانين السماء والبشر.
أما الخطورة وقد تتحول لتصبح جريمة ثالثة في حق الاقصى وهذه المرة من قبل أصحابه، الخطورة تكمن في ضعف الرد على جرائم المحتل على ساحة الاقصى وترك الامر معلقا في رقبة المقدسيين، صحيح ان المقدسيين قد حققوا انتصارات رائعة مثل انتفاضة البوابات ومسجد باب الرحمة، ولكن هم بأشد الحاجة الى الاسناد الفاعل من قبل كل من بيده التحرك (وكل بيده ولو بشق تمرة)، هناك حراك في فلسطين المحتلة ثمانية واربعين وهو ثابت داعم للاقصى يشكرون عليه، وهو بحاجة الى تشجيع ودعم دائم وهناك في غزة الاقصى حاضر في مسيرات العودة (القطاع باكمله ممنوع من الصلاة في اقصاه) وفي الضفة هناك من يغدو ويروح الى الاقصى ممن يملك التصريح من قبل المحتل، لا بد من تفعيل الطرق على جريمة الاحتلال في تقييد ومنع الناس من حرياتهم الدينية التي من ابسطها الوصول الى مكان عبادتهم، يجب ان تثار هذه الجريمة عالميا خاصة انه لا يوجد حسب علمي في العالم كله من يمنع من الوصول الى مكان عبادته الى هنا في فلسطين حيث سلطات الاحتلال، لا يمكن ان تستمر هذه الغطرسة على الناس هنا وعلى عقول العالم الحرّ. (لو أخذ الناس في فلسطين حقهم في الصلاة لغمره الناس من رفح الى جنين ولغرق الاقصى في حشود عاشقيه).
ان لم نفعل المطلوب وهذا ابسطه، وان لم ننشط في كل مجالات دعم الاقصى والمرابطين المقدسيين فيه فإن الخطر قادم لاننا نعلم تماما انه لا حدود لغطرسة وجريمة العقل الصهيوني المستوطن في هذه البلاد.