أكد مختصان بشؤون الاستيطان، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لمنطقة النقب المحتل، بالاستيطان ومحاولة اقتلاع المواطنين منه، يأتي ضمن رغبته في تهويد تلك المنطقة وجعلها عمقًا استراتيجيًّا لدولته المزعومة، مشيرين إلى أن المخططات الإسرائيلية لتهويد المكان جاهزة ولكنه يتحين الظروف الملائمة فلسطينياً وعربياً لتنفيذها.
وكانت دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية حماس، كشفت أول من أمس شروع سلطات الاحتلال في تنفيذ مخطط تهجير جديد بحق نحو 36 ألف فلسطيني بالنقب جنوب فلسطين المحتلة.
الخبير بشؤون الاستيطان عثمان أبو صبحة، بين أن مخططات الاحتلال الاستيطانية تهدف بالأساس للسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية وتهويدها سواء كان ذلك بقوة الجيش أو عنف المستوطنين أو بالقوانين.
وأوضح أبو صبحة لصحيفة "فلسطين"، أن المخططات موجودة من قبل إنشاء (إسرائيل) على أنقاض فلسطين المحتلة، إذ وضعت الحركة الصهيونية عدة خطط منها "الخطة الاستراتيجية الكبرى" التي تعتمد على الاستيطان وإقامة أكبر كمية من المستوطنات، وأنشأت "الصندوق القومي الإسرائيلي" لتجنيد الأموال لهذا الهدف، والسيطرة على الأراضي وتحويلها لمدن لليهود، وهي فقط تتحين الظروف المناسبة لتنفيذها، وما يحدث في النقب ليس بمعزل عن ذلك.
وأضاف أن الاحتلال يستهدف منطقة النقب كونها تحتوي على خيرات وثروات طبيعية هائلة كالمياه والمعادن، فتُستخدم كخزان استراتيجي واقتصادي وعمق لدولته المزعومة، ما يجعل الاستيطان فيها هدفا ساميا بالنسبة له.
وقال: إن الاحتلال يحاول الاستيلاء على أكبر مساحة من أراضي النقب ومنحها للمستوطنين، والعمل على الدفع بسكانها البدو للهجرة منها في سبيل بناء (إسرائيل الكبرى).
شرعنة الاستيطان
وأضاف أبو صبحة أن الاحتلال يدعم كل انتهاكاته وجرائمه بوضع القوانين كـ"قانون القومية" الذي لا يعترف بشرعية وجود أي فلسطيني في تلك المناطق، منبها إلى أنه يقيم تجمعات خارجها لترحيل البدو إليها بدعوى وضعهم في أماكن حضرية.
وتابع أن الاحتلال لم ينجح في نقل البدو، فحاصرهم بمنع ترخيص المنازل، حيث من المستحيل حصول أي منهم على ترخيص في تلك المناطق، وكل ذلك لدفعهم للهجرة، لكن الأهالي مصممون على البقاء في أراضيهم.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال تحاول خداع العالم وذر الرماد في العيون بأن مشاكلها مع سكان تلك المنطقة قانونية وأن منعهم من تراخيص السكن له علاقة بالمخططات الهيكلية لها فيها، بينما هي في الحقيقة حرب على الأرض.
وأكد أن المواطن في النقب صامد، لكنه بحاجة لتثبيت صموده ببرامج اقتصادية داعمة، وموقف دولي حقيقي يتعدّى الشجب والاستنكار إلى دعم حقوق شعبنا في فلسطين التاريخية والضفة الغربية المحتلة ليبقى مقيماً على أرضه.
حصر الوجود الفلسطيني
من جهته، اعتبر المختص بشؤون الاستيطان علاء الريماوي، النقب، منطقة استهداف للاحتلال، حيث إنه يريد استجلاب آلاف المستوطنين إليها، موضحا أنها منطقة صناعية يريد تطوير "صناعة الهايتك" فيها.
وبين الريماوي لـ"فلسطين" أن الاحتلال يحاول حصر الوجود الفلسطيني في تجمعات محددة والسيطرة على أراضيهم الممتدة، حوالي نصف مساحة النقب، والحد من دائرة التمدد الديمغرافي التي هي لصالح الفلسطينيين حتى الآن.
وقال: إن مؤامرات الاحتلال تأتي في سياق المس بالبنية الجغرافية للمنطقة والسيطرة العسكرية عليها، وملاحقة أهلها وفرض الغرامات عليهم، مضيفاً أن المواطن في النقب هو صاحب الأرض والهوية يشكل بعداً مهماً تاريخياً لتأصيل الوجود الفلسطيني فيه.
وأضاف أن وجود الحالة البدوية في تلك المنطقة تعبير عن الوجود الفلسطيني فيها، لذلك يحاول الاحتلال ضرب تلك الرواية التاريخية من خلال وسائل ديمغرافية وتطويرية.
واعتبر أن استهداف المواطنين في النقب يأتي ضمن سياسة منظمة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية كلها سواء في الضفة أو عكا أو المثلث وغيرها، لكنها في النقب أوسع وأكثر وضوحاً.
وأشار إلى أن المواطن في الأراضي المحتلة عام 1948، يعيش حالة صعبة، حيث لا سلطة حاكمة تؤازره، ويقف وحيداً في مواجهة دولة تستهدفه تحت غطاء أنه مواطن فيها، ما يستدعي بأن يعيد فلسطينيو الـ48 الاعتبار للنضال حول هويتهم الوطنية، ونسف معاملتهم كأقلية، الأمر الذي إنْ حدث سيغير سياسة المواجهة.