أكد مختصون بشؤون مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، امتناع المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عن نشر أسماء جميع الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، عادِّين ذلك تواطؤًا من المؤسسة الأممية معه، وضوءًا أخضر له لمواصلة استيطانه.
وأرجع المختصون في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، سبب الامتناع الأممي إلى الضغوطات الإسرائيلية والأمريكية على الدول المنضوية في المنظمة، حتى لا تستجيب لضغوط مقاطعة (إسرائيل).
رئيس حملة المقاطعة -فلسطين د. باسم نعيم، أعرب عن أسفه الشديد لعدم إصدار الأمم المتحدة القائمة السوداء لشركات المستوطنات؛ استجابة للضغوط الممارسة على المنظمة من قبل الاحتلال وأعوانه.
وقال نعيم: إن استصدار هذه القائمة هو إجراء أبسط بكثير مما نتوقع من الأمم المتحدة القيام به لنصرة شعبنا وحمايته من تغول الاحتلال، "فكنا نتوقع أن يكون هناك تدخل أممي حقيقي لمنع تهويد القدس وسرقة الأراضي الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق طموحاته في العودة إلى دياره".
ورأى أن أي سكوت أممي عن جرائم الاحتلال سيسهم في استمراره بارتكابها "فمَنْ أمن العقاب أساء الأدب"، مضيفًا: "للأسف الموقف العربي الرسمي مخزٍ ومشين، فيوميًّا نقرأ أخبارًا عن الهرولة نحو التطبيع مع الاحتلال، مثل تسريب وزارة خارجية الاحتلال عن وجود صفقة تطبيع مع الخليج على حساب المنطقة العربية والشعب الفلسطيني وحقوقه".
وأكد استمرار الرفض الشعبي العربي لوجود دولة الاحتلال، وعدِّها عدوًّا مركزيًّا للأمتين العربية والإسلامية، وضرورة التوجه لعزلها ورفض التطبيع معها.
لوبي صهيوني فاعل
عضو اللجنة الفلسطينية لمقاطعة الاحتلال الناشط مازن قمصية، لفت إلى أن المشكلة الرئيسة التي تعوق التحرك الأممي تتمثل بوجود حركة صهيونية فاعلة تضغط على حكومات العالم بما فيها الحكومات الأوروبية حتى لا يكون هناك التزام بالقوانين الدولية.
وقال قمصية: "للأسف ضغطهم يؤتي ثمارًا في ظل عدم فاعلية حكوماتنا الفلسطينية والعربية دوليًا، حتى أن الأوروبيين والأمريكان خالفوا مرارًا قوانينهم الوطنية لصالح الصهيونية، كما حدث في تعليق إصدار الأمم المتحدة قائمة الشركات التي تعمل في المستوطنات".
وأضاف: "ينبغي أن يكون هناك لوبي عربي فلسطيني إسلامي موازٍ للوبي الصهيوني، لكن للأسف الحكومات العربية ضعيفة ومهمشة ويتحكم بها أشخاص لا يهتمون للقضية الفلسطينية التي هي قضية العرب والمسلمين".
وعدّ ذلك تواطؤا مع الاحتلال ومشاركة له في تشريع الاستيطان، مردفًا: "للأسف نحن نعيش في عالم القوة وليس الحق، فمن دون القوة لا تستطيع التأثير على العالم، فلغة الحقوق غير المسنودة لقوة عسكرية واقتصادية وسياسية لا يعتد بها".
وأضاف: "القوة تشمل الضغط السياسي والقوة العسكرية والمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات السياسية والاقتصادية والإعلامي، فكما يحدث في الأمم المتحدة حيث نرى كيف يتم التلاعب بالقوانين الدولية من خلال الضغط الأمريكي واستخدام حق الفيتو".
ورأى قمصية أن الضغط الشعبي العربي يجب أن يتجه أولًا ضد حكوماته وأنظمته الرجعية التي هي الآن في أضعف حالاتها لإجبارها على خدمة الأمتيْن العربية والإسلامية، "وعلينا كفلسطينيين أن نضغط على طرفيْ الانقسام لإنهائه وإعادة صياغة منظمة التحرير، حتى نستطيع بناء قوتنا الشعبية والديمغرافية والعسكرية".
وأشار إلى وجود نجاحات يُمكن أن يبنى عليها نجحت فيها حركات المقاطعة مسبقًا كإقناع بعض الشركات بسحب استثماراتها والفنانين بعدم القدوم لـ(إسرائيل)، على قاعدة أن هذه دولة احتلال ينبغي مقاطعتها، ما يعني أن هناك فرصة كبيرة للنجاح إذا ما شكلنا قوة ضاغطة مهمة.
استجابة للاحتلال
بدوره رأى منسق الحملة الشعبية لمقاطعة (إسرائيل) خالد منصور، امتناع الأمم المتحدة عن تصدير قائمة لشركات المستوطنات، استجابة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية بعد أن كان هناك توجه جاد لدعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في حقه العادل، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تقضي بأن الاستيطان جريمة وغير شرعي.
وقال منصور إنه من المفترض أن تدعم المؤسسات الأممية قرار المقاطعة من خلال إعلان الشركات التي تعمل في المستوطنات، والتي كانت ستكون خطوة دولية مهمة للإضرار بها والمساعدة على عزل (إسرائيل).
وأضاف: "خضنا معركة طويلة منذ أكثر من عام في أروقة الأمم المتحدة للمطالبة بإعلان القائمة السوداء لتلك الشركات، لكن للأسف الضغوط الأمريكية والإسرائيلية نجحت في إيقاف الإعلان، لكننا لن نوقف جهودنا حتى لو لجأنا لمؤسسات دولية أخرى حيث إن المقاطعة تخيف تلك الشركات".
وأشار إلى وجود تواطؤ واستجابة من الأمم المتحدة للضغوط الأمريكية الإسرائيلية التي تسعى جاهدة لمحاربة حركة مقاطعة (إسرائيل)، حيث تم تحريك اللوبي الصهيوني في كل دول العالم ودفع ملايين الدولارات للجاليات اليهودية فيها بجانب الضغط على حكوماتها وابتزازها لهذا الغرض ومنعها من التصويت لصالح القرار.
وعدَّ امتناع الأمم المتحدة مخالفًا لروح قراراتها التي تجرم الاستيطان وتعدُّه غير شرعي، وبمنزلة إعطاء ضوء أخضر لـ(إسرائيل) لاستمرار استيطانها على الأرض وتعزيزه.
ولفت إلى أن التطبيع العربي المتسارع مع (إسرائيل) "كسر ظهورنا كحركة مقاطعة، ففي حين كنا نأمل الاستناد على العالم العربي وجدناه يهرول لتطبيع العلاقة مع أمريكا و(إسرائيل)، وتتواطأ أنظمته معهما".
وأكد أنه رغم تلك الصعوبات فإن الحركة حققت إنجازات وانتصارات على صعيد سحب الاستثمارات من (إسرائيل) وفرض عقوبات عليها، وإقرار المقاطعة بكل أشكالها، وستظل تحاول استصدار قائمة سوداء من المجتمع الدولي بالشركات التي تعمل من المستوطنات بكل الطرق المتاحة.